الموجود في أجزاء أخرى من الجزيرة العربية. بل إنها في كل هذه المجالات أقل شأنا بكثير من مثيلاتها في اليمن المجاورة. وقد بحثت بنفسي في أوساط أكثر الناس تعليما فلم أجد إلا شخصا واحدا يعرف شيئا عن علم الفلك أو عن الأدب أو العلوم بصورة عامة. كما أنهم لا يملكون أي رغبة في تنمية ثقافتهم. إلا أننا لا ينبغي لنا ، على هذا الأساس ، أن نخلص إلى القول بأن الناس يفتقرون إلى الذكاء أو القدرة العقلية. فقد صادفت شخصا يدعى (سعيد بن خلفان) درس في (كلكتا) ولديه معرفة واسعة بعلم الفلك البحري حتى أنه يستطيع تصوير الشمس بآلة السدس التي تقيس الأجرام السماوية ، والأفق الاصطناعي لحساب ملاحظاته وتصنيف آلات الكرنوميتر. وكان تحت إمرته العديد من سفن الإمام الكبيرة ، وقام أكثر من مرة بالملاحة بين (زنجبار) و (مسقط) (١).
في أول الأمر ، أثارت آلاتي اهتماما أكبر مما كنت راغبا فيه. إلا أن هذه المشاعر سرعان ما تلاشت عند ما أخبرت الناس أنها ليست من الذهب. وفي أثناء إقامتي لم أتمكن من الحصول على كتاب أو مخطوطة في أي موضوع باستثناء تفاسير القرآن الكريم والكتب الدينية عموما. وكان أولادهم لا يتلقون إلا القراء ، والكتابة في هذه المواضيع.
في بعض المدن الرئيسية يصنع السكر بكميات كبيرة. ولكن على الرغم من أن القصب يتميز بنوعيته الممتازة جدا ، إلا أن السكر له مظهر مختلف بسبب بعض الصعوبات التي يواجهونها ولم يتمكنوا من التغلب عليها في عملية التحبيب. ويشكل السكر أهم الصادرات من (مسقط) حيث يتم فيها وفي (نزوى) وبعض المدن الرئيسية الأخرى صنع كميات كبيرة من الحلوى وهي مزيج من السكر والعسل والسمن واللوز يغلى حتى يصبح كعجينة متماسكة وترسل منها كميات كبيرة إلى الهند وبلاد فارس بعد أن توضع في أطباق فخارية ليست عميقة يبلغ قطر الواحد منها عشر بوصات. وتصنع حلويات مماثلة لهذه في بلاد الشام مستخلصة من عصير العنب ، وثمة نوع آخر أقل شأنا يصنع من شجرة الخرنوب حيث يغلى فيصبح شبيها بالعسل وهي المادة التي يقال بأنها كانت تكثر في بلاد (كنعان).
__________________
(١) كمثال على إتقانه اللغة الإنكليزية ، فإنني أقدم في الملحق في نهاية الكتاب الرسائل التي أرسلها إليّ. وعلاوة على أن هذه الرسائل تكشف عن موهبة طبيعية كبيرة ، إلا أنها غريبة من نواح عديدة. ويستفاد من عظم الجمل اللامع في الكتابة ، كما أنهم يستخدمون نوعا من الحبر سرعان ما يزول.