الفصل الحادي والعشرون
العادات والمناسبات
سكان الواحات والمدن مولعون أشد الولع بتسلية بعضهم بعضا ، وهي تسلية تستمر في بعض الأحيان ثلاثة أو أربعة أيام. وبخلاف غيرهم من أهل الشرق ، فإن مشاعرهم إزاء مباهج الطبيعة ليست معدومة بأي حال من الأحوال ، وهم يستقبلون ضيوفهم في مبان لطيفة (ينبغي لنا أن نسميها بيوتا صيفية) منفصلة عن أماكن سكناهم وتقع في مكان جميل تحت ظلال أشجار المانجو أو التمر الهندي. وبين جدران هذه البيوت يقضون نهارهم وهم في متعة بالغة ، أما لياليهم فيقضونها غالبا في السمر واللهو ـ هذا إن كانت الرواية صحيحة.
غالبا ما انضممت إلى هذه الحفلات في أثناء النهار ، لكن اقتراب الشمس من مغيبها ـ وهو الوقت الذي يذهب فيه الجميع لأداء فريضة الصلاة ـ كان ذريعة كي أنصرف فلا يسمح لي بالبقاء بعد ذلك. إن اشتراكهم في شرب الخمر المحرم عليهم لا يمكن إنكاره لأن كميات كبيرة يؤتى بها من منطقة التلال. وفي كل مرة يتم فيها تهريب مشروب (البراندي) وغيره من المشروبات الروحية على السواحل عند مسقط (حيث تعتبر سلعا محظورة) فإن الجزء الأعظم منها ينقل على الفور إلى المنطقة الداخلية. ولدى وصولي إلى (مسقط) وجدت سفينة قادمة من إنكلترا راسية هناك. وكان تنوع حمولتها فريدا بالنسبة إلى ميناء إسلامي لأن جزءا كبيرا من تلك الحمولة يتألف من لحم الخنزير والبراندي. إنني لا أعلم إلى أي حد ينجحون في نقل لحم الخنزير ، لكن البراندي كان يجد طريقه إلى الساحل بكميات كبيرة على الرغم من حظره حظرا تاما من الإمام. وقد سمعت منه شخصيا أن نصف سكان مسقط ثملون خلال الفترة التي يستغرقها وجود المشروب. بل إن أحد أقرباء الشيخ تجرأ على الظهور أمام الإمام وهو سكير. لكني وجدته في اليوم التالي وهو في طريقه إلى زنجبار وقيل لي أنه لم يكرر المخالفة. والمسلمون المتشددون لا يرون أن تذوق النبيذ وحده محرم حسب ، أو استخلاص العنب وتحويله إلى عصير ، بل إن شراءه