الفصل الثالث والعشرون
النظام القضائي ـ أسرة الإمام
يضطلع القضاة بحكم النظام القضائي في (مسقط) على كل الجرائم الثانوية في حين يبت الإمام في الجرائم الأكثر خطورة. وعلى الرغم من أن سلطة الإمام في كل قضية سلطة مطلقة ، إلا أن نفوره من سفك الدماء البشرية قد يشكل درسا للحكام الأكثر تمدنا. ففي جريمة القتل ، القتل وحده ، تكون العقوبة هي الإعدام. وفي المدن البعيدة وجد (السيد سعيد) أن إلغاء العادة الدموية غير عملي (وهو ما موجود في بقية أجزاء الجزيرة العربية) ، حيث يقوم أهل المقتول بالرد بالمثل أما على القاتل أو أقربائه. إلا أن هذه المنازعات ممنوعة منعا باتا في (مسقط). ولكن تقع بعض هذه الأحداث على الرغم من يقظة الإمام ، وعندئذ يسمح لأقرباء المقتول ، كما هو الحال في بلاد فارس ، بقبول التعويض (الدية) أو المطالبة بدم القاتل. وفي (صور) شاهدت رجلا عجوزا يتراوح عمره بين السبعين والثمانين سنة يحمل دوما بندقية محشوة على استعداد للانطلاق. وعند ما استفسرت عن السبب ، قيل لي إنه حاليا في حالة نزاع من هذا النوع. ومن أبرز الصفات في شخصية العربي هي أن العرب لدى متابعتهم مثل هذه المنازعات العائلية إنما يتركون السنوات تمضي في الغالب قبل أن تحين الفرصة لهم لتوجيه انتقامهم ضد الأشخاص المعنيين. ويبدو غريبا لأنه في الوقت الذي يشكل فيه التسامح الديني أحد أبرز ملامح الحكومة ، يسمح للمسلم بتسوية قضية موت أحد الهندوس (البانيان) بدفع مبلغ من المال خدمة للمسجد (١).
تقسم عمان إلى مناطق ذات أسماء مختلفة وينطبق الشيء نفسه على سكانها. ويحكم هذه المناطق ، كما أسلفت الشيوخ ، ويكونون مسؤولين أمام الإمام في حكم هذه المناطق. ويقر جميع هؤلاء الزعماء بسلطة الإمام العليا. وفي حالة حدوث تمرد أو عدم إرسال الرجال إذا ما طلب منهم ذلك ، فإن العقوبة تكون السجن ومصادرة الأملاك. ويبدو (السيد
__________________
(*) كذا ولا صحة لهذا القول فدية المسلم وغير المسلم تسلم لأصحاب الدم.