الفصل الخامس والعشرون
نقب الهجر ـ قبيلة ذييب
في أثناء عملية مسحنا لساحل الجزيرة العربية الجنوبي ، وعلى مقربة من برج يدعى (بلحاف) على رأس (رأس العصيدة) الرملي ، وفي خط العرض ١٣ درجة و ٥٧ دقيقة شمالا ، وخط الطول ٧٥. ٤٦ درجة شرقا تقريبا ، أخبرني البدو بوجود آثار كبيرة على بعد مسافة من الساحل وقالوا أن هذه الآثار شيدها الكفار وأنها موغلة في القدم. لهذا رغبت كل الرغبة في مشاهدتها ، إلا أن الأيام التي بقينا فيها هناك مرت دون نتيجة سوى الوعود الفارغة من (حمد) ، الضابط المسؤول عن البرج ، بتزويدنا بالإبل والمرشدين. وفي نهاية المطاف ، انطلقت السفينة غربا وهي تتابع مسوحاتها.
في الصباح الذي غادرت فيه السفينة وكان اليوم التاسع والعشرون من (إبريل / نيسان) سنة (١٨٣٥) أبلغت بأنني إذا مكثت هنا فإنهم سيوفرون الإبل في خلال ذلك النهار وسينقلوننا إلى مكان توجد فيها كتابات على مسافة بضع ساعات من الشاطئ. وعلى هذا الأساس بقيت مع السيد (كروتندن) ، ضابط الصف البحري لسفينة (بالينوروس) وأحد قوارب السفينة.
وعند حلول الظهيرة وصلت الإبل ، وعندها انتابتني الدهشة إلى حد ما إذ سمعت البدو يعلنون بعد جدال طويل عدم رغبتهم في المضي قدما إلى حيث توجد النقوش ، لكنهم عبّروا عن استعدادهم لمرافقتي إلى الآثار التي كنت قبلئذ راغبا كل الرغبة في زيارتها. أما أنا فكنت غير راغب الآن في زيارتها ، إذ لم تكن لدي أي هدايا أهديها إلى شيوخ مختلف القرى التي يتعين عليّ المرور بها كما أنه لم يكن بحوزتي سوى مبلغ ضئيل من المال. إلا أن الأمر الأكثر أهمية هو أن (حامد) ـ صمام أمننا الشخصي ـ نكث بوعده في مرافقتنا بحجة المرض.
على أية حال ، كانت فرصة ينبغي عدم إضاعتها لرؤية البلاد ، فقررت على الفور أن أضع نفسي تحت حمايتهم والسير وإياهم. وعلى هذا الأساس ، أرسلت قاربي إلى السفينة مع