في الساعة السابعة ارتقينا تلا يبلغ ارتفاعه أربعمائة قدم واستطعنا من فوق قمته أن نشاهد منظرا شاملا وكئيبا للبلاد المحيطة بنا. كان طريقنا يمتد بامتداد واد عريض بشكل كل جانب من جانبيه جذور أو حافات سلسلة عالية من الجبال. وفي حين تمتد هذه شمالا ، فإنها تقترب رويدا من بعضها فيصبح الوادي ممرا ضيقا. لكن من الجهة الثانية ، تزداد عرضا المسافة التي تفصل بين موقعنا الحالي والبحر ، كما يقطعها حاجز يبلغ عرضه حوالي ثلاثين ميلا فيشكل بذلك هضابا رملية واطئة مجدبة. والرمال في هذا المكان غير متماسكة ، حتى أن البدو أكدوا لي أنها تغير من ملامحها وتبدل من مواقعها حسب هبوب العواصف. ويثير الفضول كثيرا تراكم مثل هذه الكتل العظيمة من الرمال المتحركة ، على هذا النحو المثير ، فهي تبرز على شكل سلاسل حادة وتشبه حدوة الحصان ، ويتجه الجانب المحدب فيها إلى جهة البحر. وعانت إبلنا صعوبات شاقة في اجتياز هذه المنطقة ، كما حزن البدو كثيرا لأننا اضطررنا مرارا إلى التوقف بسببها. كانت كمية المياه التي تشربها الإبل هائلة وشاهدت في إحدى المرات أن مجموعة من أربعة أو خمسة قد أفرغت قربة ماء تتسع للعديد من الجالونات.
في الساعة الثامنة ، وجدنا أن الشمس لا تطاق البتة فاضطر البدو إلى التوقف في واد ضحل تحت ظلال أشجار الطرفاء. وكان من شأن الأغصان القليلة لهذه الأشجار أن توفر ملاذا قليلا من حرارة أشعة الشمس الحارقة لو لم يلجأ أدلاؤنا إلى قطع جذورها بالخناجر وخفض أغصانها ووضعها فوق قمة الشجرة. وبعملهم هذا ، فقد استولوا بهدوء على معظم المناطق الظليلة وتركونا ننتقل بأفضل ما نتمكن من السبل. ومن خلال هذه التجاويف الحارقة ، كانت أشعة الشمس تتركز وتسلط كأنها صادرة عن مرآة. أما الأعشاب المحيطة بنا فقد احترقت حتى بات لونها أسود. ولم تستطع أي سحابة الحيلولة دون ذلك. أما النسمات التي كانت تهب من حولنا متأوهة فكانت حرارتها متأججة كتلك الحرارة الصادرة عن فوهة فرن. حفر أدلاؤنا تجاويف في الرمال ، ووضعوا أقدامهم المتقيحة فيها. وعلى الرغم من عدم انقضاء فترة طويلة على استفادتنا من الدروس العملية التي علّمونا إياها ، فإنني بدأت انزعج من تصرفهم الفظ. وكانت كل محاولة للتقرب منهم والتفاهم