الفصل السادس والعشرون
آثار ونقوش نقب الهجر
بعد مسيرة ساعة واحدة من آخر قرية مررنا بها ، وصلنا إلى آثار (نقب الهجر). وبنظرة سريعة خاطفة اقتنعت بأن فحص هذه الآثار سيعوض كثيرا عن الإرهاق أو الخطر الذي واجهناه في الطريق إليها.
كان التل الذي تقع عليه الآثار يتوسط الوادي ويقسم جدول الماء الذي يمر من خلاله فترة الفيضانات على جانبيه. ويبلغ طوله حوالي ثمانمائة ياردة وعرضه الأقصى ثلاثمائة وخمسين ياردة. ويتجه طوله الأكبر من الشرق إلى الغرب. وثمة واد يقطعه على نحو مائل ، وهو واد ضحل يقسمه إلى قسمين متساويين تقريبا ، يتسعان على نحو بيضوي. وفي الثلث الأول من التل من جهة قاعدته ثمة سور عظيم يتراوح ارتفاعه بين ثلاثين إلى أربعين قدم ويلتف من حول التل وتحيط به أبراج مربعة الشكل شيدت على مسافات متساوية. ولا يوجد سوى مدخلين اثنين شيد كل واحد منهما إلى الشمال وإلى الجنوب. وثمة برج مربع أجوف يبلغ عرض كل جانب من جوانبه أربعة عشر قدما عند كل جهة من جهات هذين المدخلين. وتمتد القواعد إلى السهل وتستمر إلى ماوراء المبنى كله. وتوجد دكة مستطيلة بين الأبراج يبلغ ارتفاعها عشرين قدما عن سطح السهل وتبرز عن السور مسافة ثمانية عشر قدما. ويبدو أنه كانت توجد سلالم مرتبطة بكل جهة من جهتي المبنى على الرغم من أن أي دلائل تشير إليهما قد اختفت تماما. وهذه البقعة المستوية مسقفة بحجارة مسطحة ذات أبعاد عظيمة ترتكز فوق جدران مستعرضة.
ويبدو غريبا أننا لم نتمكن من ملاحظة ما يدل على وجود بوابات. فالمدخل الجنوبي انهار كثيرا في حين ظل المدخل الشمالي في حالة ممتازة تقريبا. والتخطيط المؤشر على الخارطة يوضح شكله وأبعاده على نحو أفضل من أي وصف.