عبوره. وفي حوالي الساعة الثانية وصلنا ممر (باب الرفصة) حيث يوجد برج صغير وقطعة من المدفعية. كان هذا المبنى وغيره من المباني الأخرى المشابهة قد شيدها الإمام لوقف انتهاكات الوهابيين. إلا أنها بدأت بالانهيار الآن. وكانت بعض جداول الماء العذب وبساتين النخيل تظهر بين هذه البقعة ونهاية الوادي التي وصلناها في الساعة السادسة مساء. وهنا بدأنا نشق طريقنا فوق أرض منبسطة حتى الساعة الحادية عشرة ليلا حيث توقفنا قرب قرية صغيرة كانت الكلاب فيها تنبح نباحا مستمرا وضاريا حتى أن أدلائي خافوا الاستمرار في التقدم على الرغم من حاجتهم إلى الطعام. كانت السماء صافية وباردة بينما كانت قطرات الندى تهمي من حولنا. نام البدو على شكل دائرة ووضعوا الأمتعة في الوسط.
الخميس ، الثالث من ديسمبر / كانون الأول : كانت هناك ثلاث قرى قرب المكان الذي خيّمنا فيه ، حميدة والكامل ؛ والوافي. وتحتوي كل قرية على مائتي بيت تقريبا ولكل منها حصن صغير. وكانت الأراضي داخل الأسوار وخارجها مزروعة جيدا وتوفر بعض جداول الماء الجاري عبر هذه الأراضي العديد من وسائل الري. وأظهر السكان امتعاضا شديدا عند ما شاهدوني أحدق في هذه الحقول لذلك تركتهم وانصرفت.
وفي الساعة الحادية عشرة والنصف واصلنا سيرنا فوق سهل واسع كانت أرضه أما من الرمل اللين أو من الطين الصلب الذي يميل إلى اللون الأبيض. وكان السهل تغطيه الأعشاب. ومرّت من جانبنا بين الفينة والفينة مجموعات من البدو وهم في طريقهم إلى (صور) ولكن نظرا للخصومات القائمة الآن بين القبائل الرئيسية ، فإنه قلما يمكن مشاهدة فرد لوحده وراء حدود القرى. كما أن مجموعتنا كانت تسير هي الأخرى بحذر بالغ. وما أن شاهدنا قافلة أخرى ، حتى اجتمعت الإبل معا ، في حين شرع الأدلّاء في أثناء اقترابنا أكثر فأكثر ، بالتقدم وتبادل الحديث ومن ثم واصلنا سيرنا. إن السلطة التي اكتسبها (السيد سعيد) على هذه المنطقة عن طريق توزيع العطايا السخية على شيوخها اسمية أكثر منها فعلية. فالبدو يمارسون أعمال النهب والقتال ولا يتورعون عن قتل بعضهم بعضا بحرية تامة كأنهم في الصحراء. وقلما مرّ يوم في أثناء مكوثي هناك دون أن أسمع بحدوث مثل هذه الأعمال. وفي الساعة الثالثة والنصف توقفنا وسط مضارب بدو قبيلة بني بو حسن ، وكانت تتكون في