تقديم
د. أحمد عبد الرحمن السقاف
يندرج هذا الكتاب ضمن سلسلة الرحلات الغربية الإستكشافية التي حاولت التوغل داخل شبه الجزيرة العربية والتعريف بما يعتبر بالنسبة للغرب آنذاك ، أي ثلاثينيات القرن التاسع عشر الميلادي ، أصقاعا مجهولة من بلاد العرب. وكان من أهم تلك البقاع المجهولة صحراء الربع الخالي والأجزاء الداخلية من حضر موت وعمان وأنحاء من نجد والأفلاج.
أما مؤلف الكتاب الملازم أول ج. آر ويلستد (١٨٠٥ ـ ١٨٤٢ م) الشاب الإنجليزي الطموح فقد كان يأمل في أن يحالفه الحظ في اختراق جزيرة العرب المجهولة من خلال مخططين اثنين رسمهما لنفسه. الأول كان الإنطلاق من مسقط والتوجه داخل جزيرة العرب حتى (الدرعية) قاعدة نجد. والمخطط الثاني كان من خلال مرافقة جيش محمد علي في بلاد عسير عام ١٨٣٥ م ثم التوجه نحو بلاد حضر موت الداخلية وواديها الشهير والمحرّم دخوله على الأجانب في ذلك الوقت. وعلى الرغم من اخفاق المؤلف في تحقيق أي من مخططيه بالكامل : إذ أنه لم يتمكن في انطلاقته من مسقط نحو الدرعية من تجاوز ما هو أبعد من بلدة (عبري) ، كما لم ينجح في مسعاه الثاني بسبب تعثر حملة محمد علي في بلاد عسير. وعلى الرغم من كل ذلك إلا أن ما قدمه من وصف ومعلومات عن المناطق التي تجول بها داخل عمان وعلى السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وعلى امتداد الساحل الشرقي للبحر الأحمر تضمن الكثير من الإستكشافات الجديدة في عصره وبالتحديد فيما يخص مناطق عمان الداخلية وكذلك اكتشاف الكتابات الحميرية في منطقة نقب الهجر وميناء حصن الغراب في بلاد الواحدي الواقعة غربي حضر موت. وقد خصص المؤلف الجزء الأول من كتابه لتلك الاستكشافات الجديدة ويوميات رحلاته داخل عمان وتجواله في السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية وقصة اكتشافه للكتابات الحميرية.