الفتيات في هذا المكان يتصفن بالجرأة أيضا وهن أكثر عددا من الفتيات في (إبرا). ومع هذا ، وعلى الرغم من أن خيمتي كانت دوما تحتشد بهن ، وهن يحاولن بشتى الوسائل سرقة أشياء صغيرة مني ، فإنني لم أفقد حتى أتفه الحاجيات. وإنني لأرجو أن تكون فضائلهن الأخرى متساوية مع نزاهتهن. والحق إنني لم أشاهد من قبل مثل أولئك السيدات المرحات الضاحكات. فلم يهدأ لهن بال لحظة واحدة ، ولم يتوقفن عن الثرثرة.
الثلاثاء ، الثاني والعشرون من ديسمبر / كانون الأول : في الساعة التاسعة والدقيقة الأربعين ، غادرنا ضواحي البلدة ، وواصلنا طريقنا صوب الشمال فوق أرض مزروعة حتى وصلنا أخيرا إلى قاعدة سلسلة منخفضة من التلول تشكل جذور سلسلة الجبل الأخضر. في الساعة العاشرة والنصف ، تقدمنا في سيرنا ملتفين من حول رأس التلول وفي الواحدة والنصف وصلنا إلى حصن صغير وقريتي (روضة)(Rhodda) و (فرق)(Furk) ، واجتزنا أرضا تكثر فيها المستنقعات التي انتشر فيها القصب بكثرة ، حيث تصنع منه الأقلام العربية وفي تمام الساعة الثالثة والنصف وصلنا (نزوى). وسرعان ما اتجهت إلى مقر إقامة الشيخ الذي يتمتع بنفوذ كبير في هذه البقاع ، فوجدناه جالسا أمام بوابة القلعة ومعه حراس مسلحون يقرب عددهم من خمسين فارس يقفون على كلا الجانبين. كان أهل البلدة قد لحقوا بنا وتوقفوا عند هذا المكان. ولكن ما أن عرضت رسالة (السيد سعيد) وعرف الجميع هويتنا حتى بدءوا يتفرقون وعبّر الشيخ عن أسفه لأنني لم أرسل خبرا عن زيارتي التي عزمت على القيام بها لأنه كان يرغب في استقبالي عند الطريق مع مرافقين مناسبين. صحبناه إلى غرفة الاستقبال الواقعة داخل القلعة وكانت غرفة عالية ومؤثثة تأثيثا جيدا. وسرعان ما تم إعداد مكان للإقامة. وشعرت للمرة الأولى هنا منذ مغادرتي (مسقط) ، بسعادة غامرة لأنني أصبحت بمفردي دون رقيب يحسب علي حركاتي ، إذ كان الشيوخ والوجهاء في مختلف المدن التي مررنا بها في أثناء رحلتنا يعتقدون بأنهم يشرفوننا إذا ما أمضوا وقتا طويلا معنا. أمضينا النهار ونحن نتجول في المدينة والحدائق المجاورة وفي المساء توجهنا لزيارة القلعة التي يفترض أن تكون قلعة حصينة. دخلنا القلعة ، بعد احتفاء كبير بنا ، من خلال باب حديدي متين ، وبعد أن صعدنا ممرا مقوسا اجتزنا ستة أبواب أخرى ضخمة قبل وصولنا