الفصل العاشر
قبيلة بني ريام
استحوذت قبيلة (بني ريام) التي تقطن هذه السلسلة من الجبال على جلّ اهتمامي في أثناء إقامتي هناك. أظن أن هناك الكثير من الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد والتصديق بتوكيدهم بأنهم لم يعرفوا في حياتهم سيدا عليهم. ولما لم يملكوا الجرأة البتة في الذهاب بعيدا إلا جماعات صغيرة للتخلص من مختلف البضائع عن طريق بيعها ، ولا يتوغلون في السير إلى ماوراء قدمات الجبال ، حيث توجد الأسواق المنتظمة ، فإنه يمكن عدهم قوما منعزلا لا يرتبط بغيره من القبائل العديدة المنتشرة في السهول الممتدة إلى أسفل. إن الطبيعة القاسية والوعرة والمنحدرة التي تتميز بها طرقاتهم التي غالبا ما تؤدي إلى شعب لا يندفع فيها سوى عدد ضئيل من الرجال الأشداء من بين كل ألف رجل ، والمواقع الحصينة التي اختاروها ليشيدوا عليها قراهم ، تكفي كلها لضمان استقلالهم.
إن أعدادهم لا تتجاوز أكثر من ألف نسمة. كما أن الوعي بهذا الضعف في قلة عددهم جعلهم يدركون أن أواصر الاتحاد القوية من مستلزمات بقائهم. فهم يفخرون بالقول إنه في الوقت الذي كانت فيه الأراضي المنخفضة قد عانت في فترات متباينة من غزوات أجنبية أو سادتها الفوضى والقلاقل الناجمة عن المشاجرات الداخلية ، فإنهم كانوا يزرعون الكروم والحبوب بسلام دون خوف أو انقطاع. وعلى الرغم من أنهم اشتهروا بالثراء ، إلا أن الأئمة لم يتمكنوا البتة من فرض أي رسوم عليهم. ومن الناحية الشخصية ، وعلى الرغم من أنهم يتصفون بأجسام رياضية أقوى من أجسام جيرانهم سكان السهول ، فإنهم لا يتمتعون بالمنظر الصحي والنظرة القوية التي يعرف بها سكان الجبال. على العكس من ذلك ، تجد وجوههم مغضنة كثيرة التجاعيد وتبدو وكأن أصحابها يعانون من تقدم في السن سابق لأوانه.
ومنذ اللحظة الأولى التي ذكرت لي فيها هذه الجبال ، سمحت لخيالي أن يعتمد على