والخبز اليابس. وتتناول الطبقة الأولى من السكان وجبة أخرى في منتصف النهار ، تتكون من لحم مطبوخ بعدة أشكال وفواكه. إلا أن الوجبة الرئيسية عند كل الطبقات هي تلك التي يتناولها السكان وقت غروب الشمس. كان عشاؤنا يتكون من حمل أو خروف مسلوق بكامله ومحشو بالرز والبهارات. وتمتلئ الأطباق بعظام لحم الضأن والمرق والكاري. وليس ثمة حاجة للكراسي أو المناضد هنا ، بل يؤتى بجميع المأكولات وتوضع فوق حصران دائرية الشكل فوق الأرض مباشرة. ويتخذ الناس مجلسهم من حول هذه الحصران دون أن يعيروا اهتماما لأي قاعدة من قواعد الأفضلية. كل ما هنالك أن أحدهم يطلب إليه البدء بتناول الطعام ، ومن ثم يقول «بسم الله» فيرددها الجميع من بعده وعندئذ تمتد عشرات الأيدي في الأطباق. ولا تقدم المشروبات في أثناء تناول الطعام لكن جرعة واحدة من الماء تعقب الانتهاء منه ، ومن ثم يقول الجميع «الحمد لله» وينهض الضيوف في حين يترك بقية الطعام للعبيد والخدم.
يقدم سلوك البدوي بعض التناقضات الفريدة. فهو شخص كسول على الرغم من قدرته على القيام بأعمال تتطلب جهدا شاقا. وهو يبقى ضمن نطاق مخيمه أسابيع عديدة ، يأكل ويشرب القهوة ويدخن النرجيلة ومن ثم يمتطي صهوة بعيره وينطلق صوب الصحراء في رحلة يقطع خلالها مائتين أو ثلاثمائة ميل. ومهما عانى من الحرمان أو التعب ، فإنه لا ينطق بكلمة تذمر واحدة. وإزاء هذه العادات الكسولة في أوقات أخرى ، يمكننا ملاحظة أن القرآن الكريم يحرّم كل أنواع ألعاب الحظ ، وان تصرفاتهم البسيطة والفظة تحررهم تماما من مباهج الحياة الأكثر تمدنا (١). وفي خلال وصفي لإقامتي مع بدو بني بو علي ، قدمت وصفا لرقصة الحرب التي يؤدونها ، وهي رقصة رشيقة وجميلة. أما بقية أنواع التسلية لديهم فهي تافهة وتختلف كل الاختلاف عن تصرفاتهم الرزينة. وأحد هذه الأنماط من التسلية يتمثل في لعبة الرجل الأعمى التي يلعبها الأولاد في إنكلترا. وثمة لعبة أخرى تتمثل في إخفاء
__________________
(*) هذا الوصف غير الدقيق لشخصية البدوي رغم احتكاك المؤلف المباشر بها وإقحام موضوع تحريم القرآن لألعاب القمار يدلّان على أن المؤلف ينطلق من أحكام مسبقة طابعها النظرة الاستعلائية والعداء الديني مما شكل حاجزا بينه وبين من عرفهم من البدو على عكس رحالة أو روبيين لا حقين مثل Bent وDoughty وThesiger كانوا أكثر قربا إلى فهم طبيعة سكان البادية.