دور الآثار
المتاحف والعرب :
المتاحف العامة على الصورة التي نراها في الغرب لعهدنا ليست مما عهد في هذا الشرق. فإن آثينة منذ الزمن الأطول كان لها متحف دعته رواق الصور. وعرضت رومية أجمل ما أخذته من الصور من آثينة. ولم يكن حتى في القرون الوسطى في أوربا متاحف. وكانت بدائع الصنائع البشرية تحفظ في دور الملوك وفي قاعات البيع والأديار. حتى إذا كانت القرون الحديثة ونشأ كبار المصورين في إيطاليا وغيرها كثرت المتاحف التي تعرض فيها التصاوير العجيبة ومبدعات العقول والأنامل ، بحيث كاد أن يكون لكل مدينة معرض منها. وأخذت تغص بما يهديها إياه الكبراء والملوك ، ولما كثر الإخصاء عمّ المتاحف أيضا. فصار للأمم العظمى متحف لغرائب الصناعة في النقش ، وآخر في الرسم ، وغيرها في أدوات الحرب ، وآخر في أدوات الزينة ، وغيره في أدوات الموسيقى إلى غير ذلك.
ولا نعلم إن كانت للعرب متاحف أيام مدنيتهم على الصورة التي هي اليوم في كل بلد تذوّق الحضارة ، بل كانت متاحفهم في جوامعهم وقصورهم التي اختاروا لنقشها وتزويقها أمهر صناع أيامهم على نحو ما كان في جامع بني أمية في دمشق ، والأقصى في القدس ، وبعض جوامع بغداد والقاهرة ، وفي الحمراء والزهراء في الأندلس ، وفي قصور الخلفاء ببغداد وقصورهم في الأندلس وقصور الفاطميين في القاهرة. وكانت دور العظماء في الشرق كما كانت في الغرب تتنافس في بدائع الصناعة وتجعلها بحيث يراها من يختلفون