دور الكتب
نشأة الكتب :
عرفنا من سير القدماء أنهم كانوا يقيدون علومهم ومآثرهم وتواريخهم وأيامهم في صنوف من المواد ، تكون على مقربة منهم ، وتكثر في أرضهم وديارهم. فالبابليون كتبوا كتبهم على الآجر أي بالطين المشوي ، وكتب الهنود على النحاس والحجارة والحرير الأبيض والطومار المصري ، والعرب عمدوا إلى أكتاف الإبل واللخاف ، أي الحجارة البيض الرقاق وعسب النخل. وبقي الأمر على ذلك حتى شاع الورق المعمول من الكتان في خراسان وسمرقند وبغداد ودمشق ، منذ القرن الأول للهجرة على ما يظهر.
ولما شاع الورق قضي على الرّق لسهولة تناول القرطاس والمهرق ، وهي الصحيفة البيضاء يكتب فيها. وكان من الحرير الأبيض ما يسقى الصمغ ويصقل ثم يكتب فيه ، وقد اعتمدوا عليه قبل القراطيس بالعراق ، وكتب بعض أهل الغرب في صفائح من معدن رقيق. وكان أهل فرغامة في الروم أول من استنبطوا الرّق ، كانت له تجارة رابحة بارت بظهور الورق ، وكانت الكتب في العراق تجعل في جلود دباغ النورة أي الكلس ، وهي شديدة الجفاف ، ثم كانت الدباغة الكوفية ، تدبغ الجلود بالتمر وفيها لين ولا رائحة لها
ولما فتح الإسكندر فارس كان العلم منقوشا مكتوبا في صخور وخشب ، فأخذ حاجته منها وأحرق الباقي. ولما تولى أردشير بابك وابنه سابور على فارس والعراق تجمع ما تفرق من الكتب فيهما ، واستنسخ من الهند والصين والروم