على اختلاف مظاهره ، عبدوا الجمادات لأول أمرهم ثم ترقوا إلى غيرها من تأليه الأشجار والرجوم والأحجار ، وأنشأوا يكرمون الأفعى في هياكلهم كما يكرمون بعض حيوانات البحر وطيور البر. وكانوا يبالغون في إكرام الموتى من عظمائهم حتى ألحقوهم بأربابهم ، ونسبوا إليهم كل صفات البشر وأبشع رذائلهم. ويقدمون في المذابح ذبائح من الطيور والحيوانات والبشر مما كان عند الفينيقيين. وهكذا كثرت أربابهم إلى التي ليس بعدها ، وكلما فتحوا أرضا أضافوا إلى أربابهم بعض الأرباب التي وجدوها تعبد في الأقاليم المغلوبة على أمرها ، وكثرت خرافاتهم حتى كان يستهدف للموت كل من يريدهم من عقلائهم على أن يقلعوا عن تخريفهم. هذا غاية ما يشار إليه من أديان قدماء الدول التي طال أمرها في هذه الديار.
ومن أجيال العرب التي حكمت هنا أجزاء مهمة قبل الإسلام النبطيون في الجنوب والايطوريون في بعض الساحل وقد عبد النبطيون اللات والعزّي ، وكانت البتراء مركز عباداتهم قبل العهد اليوناني بستة قرون على الأقل. وعبد الايطوريون الكواكب والشمس والزهرة وذا الشرى ، وربما تشابهت معبوداتهم ومعبودات النبطيين. وكان لهم في بعلبك مذبح قالوا : إنه بيت من بيوتهم عظيم عندهم جدا. وصنم الأقيصر كان في مشارف الشام لقضاعة ولخم وجذام وعاملة وغطفان يحجون إليه ويحلقون رؤوسهم عنده وكلما حلق رجل منهم رأسه ألقى مع كل شعره قرة من دقيق أي قبضة. وعرف من الآثار أن أهل صرخد كانوا يعبدون اللات على ما اكتشف على باب كنيستها. ومعظم هذه الأصنام كان مما ينحت من الأحجار ومنها ما كان من الشبه (البرونز) ، وقد نقلوا هذه الأصنام إلى الغرب خصوصا منذ أوائل القرن الثالث قبل المسيح لما قبض على زمام الامبراطورية الرومانية أباطرة من الشاميين ، وقد عثروا على بعضها في فرنسا والنمسا وإيطاليا. وكان ياهو المشهور في تاريخ الإسرائيليين حفيد يهو شافاط الذي قتل جميع أنبياء بعل وعبدته يعبد العجول في بيت ايل. وبيت ايل إلى شرقي خط يمتد من أورشليم إلى نابلس على بعد واحد من كلتا المدينتين وكانت قديما عاصمة الكنعانيين.
وقد عبد الرومان قوى الطبيعة من الأفلاك والشمس والأرض والنبات