ومنهم فئة قليلة في دمشق وصالحيتها وفي قرى عين فيت وزعورا وغجر في الحولة ، وعدد العلويين اليوم أكثر من مائتي ألف. وقد استعمل العنف معهم في أكثر الأدوار السالفة فنفروا وقد كان الظاهر بيبرس في القرن السابع أمر أن تبنى لهم جوامع في قراهم فبنوا في كل قرية جامعا وما كانوا يدخلونها على عهد ابن بطوطة في القرن التاسع ، بل كانت حظائر للغنم وإصطبلات للدواب ، وأمر السلطان قلاوون أيضا أن يبنى جامع في كل قرية من قرى النصيرية ، وهكذا فعل عبد الحميد الثاني من العثمانيين فبنى لهم جوامع لم يلبثوا أن خربوها وأهانوها. وشأن العلويين شأن سائر الطوائف الإسلامية الصغرى كلما زادوا علما وتربية رجعوا إلى الأصول الصحيحة. وفيهم كرم وشمم وشجاعة ومكارم أخلاق.
الدروز :
لما طمع الحاكم بأمر الله الفاطمي سادس خلفاء الفاطميين أو العبيديين بمصر في دعوى الربوبية ، أخذ يمهد لذلك المقدمات ولقب نفسه الحاكم بأمره وأمر الخطباء بأن يقرأوا بدل البسملة (باسم الله الحاكم المحيي المميت) وفي رواية أنهم كتبوا بسم الحاكم الله الرحمن الرحيم. فلما أنكروا عليهم كتبوا بسم الله الحاكم الرحمن الرحيم فجعلوا في الأول الله صفة للحاكم وجعلوا في الثاني العكس. وأنشأ يدعي علم المغيبات ، وكان من دعاته رجلان عجميان من دعاة الباطنية يقال لأحدهما محمد بن إسماعيل الدّرزي (١) المعروف بنشتكين ، وللآخر حمزة بن علي بن أحمد وهذا من أعظم دعاة الحاكم ، كان يؤثره على جميع عشيرته ، وكان صاحب الرسائل والمكاتبات عنده. وصنف الدرزي كتابا كتب فيه أن روح آدم انتقلت إلى علي بن أبي طالب ومنه إلى أسلاف الحاكم متقمصة من واحد إلى آخر حتى انتهت إلى الحاكم بأمر الله. وقرئ هذا الكتاب في الجامع الأزهر بالقاهرة ، فهجم الناس على مؤلفه ليقتلوه ففر منهم ، وحدث شغب عظيم في القاهرة وقتلوا
__________________
(١) الدرزي بفتح الدال معناه الخياط فارسي معرب والعامة تضم الدال ويقولون في الجمع الدروز والصواب الدرزة محركة.