في المشهد المذكور. ويجتمع الناس ليلة النصف من شعبان في المساجد بين العشائين ويقرأون سورة يس ثلاث مرات ويلقنهم الإمام دعاء ليلة النصف المذكور في كتاب نزهة المجالس وغيرها من الكتب ، وتهجر المعاصي في شهر رمضان ويكثر ترداد الناس على الجوامع والمساجد ويقبلون على تلاوة القرآن ومنهم من يقصد المقاهي ليلا للتفرج على المشعوذين والمتصارعين. ويخرج قرب السحر طبال يوقظ الناس للسحور ويعقبه شداة المدائح النبوية في منارات الجوامع. وبعد صلاة العيد يخرج الناس إلى المقابر لزيارة موتاهم ، وكان يخرج قبل العيد بيومين رجل سخرة معه حمار مدرع بالودع والخرز والأجراس يستجدي الناس بالرقص ويضحكهم بحركات حماره يقال له جحش العيد. وكان يخرج في أيام العيد ولدان قد صبغوا أجسامهم بالسواد وعلى رؤوسهم الطراطير يستدرون إحسان الناس بالرقص والقفز ويقال لهم «بيضه بيضه» ، وبعد انتهاء العيد يأخذ رواد الحجاز أهبتهم ويسافرون لأداء فريضة الحج ويحتفل أحبابهم بوداعهم. وفي عيد النحر يقبل الناس على الضحايا. وفي تاسع آذار الرومي الشرقي يخرجون صباحا إلى ضاحية البلدة لاستنشاق نسيم الصبا التي تهب في ذلك الوقت كما يزعمه بعض المنجمين. ويكثر خروج الناس في أوائل أيام الربيع إلى جبل الجوشن وما قرب منه فإذا نور الشجر وأورق يترددون على البساتين. وفي شهر نيسان يحتكرون مؤوناتهم من السمن والجبن والفحم. وكان النساء في يومي أربعاء الزوبعة وخميس البيض (ويكونان قبل يوم الأحد وهو أول يوم من عيد الفصح) يخرجن إلى البساتين ويمضين فيها سحابة يومين ويفعلن مثل ذلك في يوم الاثنين الذي يلي عيد الفصح ، ويزعمن أن من لم يخرج إلى النزهة في هذه الأيام لا يأمن الصداع ووجع الرأس ، إلى غير ذلك من العادات التي بعضها مستحسن وبعضها مستهجن مما هو مذكور في كتاب نهر الذهب مسهبا مفصلا.
وأما ما يستعمله النصارى الحلبيون من العادات في أفراحهم وأتراحهم فمنها أن مريد الزواج منهم يبدأ بتصفح وجوه النسوة في مجامع الناس وحين خروجهن من الصلاة فمتى أعجبته أنثى سعى بإعلامها أنه يرغب أن تكون له زوجة وهذه هي الخطبة الأولى. ثم يسعى بالخطبة الثانية وهي أن يرسل