وكان أبو شامة في القرن السادس يقرئ التاريخ درسا عاما في الجامع الأموي بدمشق ، وقد وصف أبو الفضل بن منقذ الكناني هذه المدارس بقوله :
ومدارس لم تأتها في مشكل |
|
إلا وجدت فتى يحل المشكلا |
ما أمّها مرء يكابد حيرة |
|
وخصاصة إلا اهتدى وتمولا |
وبها وقوف لا يزال مغلها |
|
يستنقذ الأسرى ويغني العيّلا |
وأئمة تلقي الدروس وسادة |
|
تشفي النفوس وداؤها قد أعضلا |
ومعاشر تخذوا الصنائع مكسبا |
|
وأفاضل حفظوا العلوم تجملا |
وقال السابق أبو اليمن المعري في وصف مدارس حلب ومنه استدللنا أنها كانت تدرس العلوم المختلفة :
فلديها كل الفنون وفيها |
|
ما اشتهاه الشرعي والفلسفي |
لا جرم أنه كان لإلقاء العلوم في تلك المدارس نظم ومناهج ، ويقرأ الطلبة أشهرا مخصوصة ويفحصون فيما تعلموه ، ولا ينال الإجازة بالتدريس والخطابة والإمامة إلا من ثبتت لمشايخه كفايته ، وكان على استعداد لأن يزداد علما بعد إنجاز الطلب وإجازة الطلاب بمسموعات مشايخهم ومروياتهم.
دور القرآن بدمشق :
في مدينة الرسول بنيت أول دار للقرآن في الإسلام. وذكر الواقدي أن عبد الله بن أم كلثوم قدم مهاجرا إلى المدينة مع مصعب بن عمير رضياللهعنهما وقيل : قدم بعد بدر بيسير فنزل دار القرآن. وكان في دمشق سبع دور للقرآن على ما في الدارس وهي :
(١) «الخيضرية» شمالي دار الحديث السكرية بالقصاعين وتنسب إليها اليوم محلة الخيضرية ، أنشأها قاضي القضاة قطب الدين الخيضري الدمشقي سنة (٨٧٨) ووقف عليها وعلى مسجد آخر أوقافا جمة ، وقد بقي اليوم جزء صغير منها استحال زاوية للشاذلية.
(٢) «الدلامية» بالقرب من الماردانية على الجسر الأبيض بالجانب الشرقي من الشارع الآخذ إليه بالصالحية فوق نهر ثورة على طريق الجركسية ، أنشأها زين الدين دلامة بن عز الدين نصر الله البغدادي البصري وكان من أجل