وكان لابن عامر رجل مقيم بالمدينة ، فكتب إليه بشخوص من شخص يريده ، ولا يقدم الرجل إلّا على جائزة معدّة ، وأمر قد أحكم له ، قال : فلما دخل عليه قال : أين أخوك؟
فقصّ عليه القصة (١) ، قال : فأمر للمقيم بصلته ، وأضعف ذلك للظاعن ، فخرج المقيم متوجها وهو يقول :
أمامة ما حرص الحريص بنافع |
|
فتيلا ولا زهد المقيم بضائر (٢) |
خرجنا جميعا من مساقط روسنا |
|
على ثقة منا بجود ابن عامر |
فلما أنخنا الناعجات (٣) ببابه |
|
تخلّف عني الخزرجي ابن جابر |
فقال ستكفيني عطية قادر |
|
على ما أراد اليوم للناس قاهر |
فقلت : خلالي وجهه ولعله |
|
سيجعل لي خطّ الفتي المتأخر |
فلما رآني سأل عنه صبابة |
|
إليه كما حنت طراب (٤) الأباعر |
فأضعف عبد الله إذ غاب حظّه |
|
على حظّ لهفان من الجوع فاغر |
وأبت وقد أيقنت أن ليس نافعي |
|
ولا ضائري شيء خلاف المقادر |
أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، أنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمّد بن علي بن عاصم ، أنا أبو السهل محمود بن عمر بن جعفر بن إسحاق ، أنا علي بن الفرج بن علي العنبري (٥) ، نا أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد بن عبّاد بن موسى العكلي ، نا الحسن بن علي بن زبّان البصري ، مولى بني هاشم ، حدّثني سفيان بن عبدة الحميري ، وعبيد بن يحيى الهجري قالا :
خرج إلى عبد الله بن عامر بن كريز وهو عامل العراق لعثمان بن عفّان ، رجلان من أهل المدينة أحدهما ابن جابر بن عبد الله الأنصاري ، والآخر من ثقيف ، فكتب به إلى عبد الله بن عامر فيما يكتب به من الأخبار ، فأقبلا يسيران حتى إذا كانا بناحية البصرة قال الأنصاري للثقفي : هل لك في رأي رأيته؟ قال : أعرضه ، قال : رأيت أن تنيخ رواحلنا ونتناول مطاهرنا ونمسّ ماء ثم نصلّي ركعتين ، ونحمد الله على ما قضى من
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي مختصر ابن منظور ١٢ / ٢٩٠ القصص.
(٢) بالأصل وم : بصائر والمثبت عن المختصر.
(٣) الناعجات : جمع ناعجة ، وهي الناقة البيضاء ، والسريعة (قاموس).
(٤) الإبل الطراب التي تنزع إلى أوطانها (اللسان).
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : العكبري.