مصبوب (١) على نفسك ، من كلّفك ما ترى ، ثم قرّب إليه الفرس ، فلما علاه استخرج الجذامي من خرج على بغل قدحا وإداوة ماء ، فجعل في القدح ترابا من تراب قبر ابن سريج (٢) ، وصب عليه من ماء الإداوة ثم قال : هاك فاشرب هذه السلوة ، فشرب ، ثم فعل هو مثل ذلك ، وركب على البغل وأردفني ، فخرجنا لا والله ما يعرّضان بذكر شيء مما كنا فيه ، ولا أرى في وجوههما شيئا مما كنت أرى قبل ذلك. فلما اشتمل علينا أبطح مكة قال : انزل يا خزاعي. فنزلت ، وأومأ الجذامي (٣) إلى الفتى بكلام ، فمد يده إليّ وفيها شيء فأخذته ، فإذا هو عشرون دينارا ، ومضيا ، فانصرفت إلى قبره ببعيرين ، فاحتملت عليهما أداة الراحلتين اللتين عقراهما (٤) ، فبعتهما (٥) بثلاثين دينارا (٦)
٣٣١٦ م ـ عبد الله بن سعيد بن عتبة الثقفي
شاعر فارس ممن شهد فتنة أبي الهيذام (٧) ، وقال فيها شعرا.
قرأت بخط أبي الحسين الرازي ، وذكر أنه مما أفاده بعض أهل دمشق عن أبيه ، عن جده وأهل بيته من المرّيين قال :
وقال عبد الله بن سعيد بن عتبة الثقفي ، وكان جرح يوم باب كيسان جراحات كثيرة ، وكان من فرسان قيس :
ما زلت أحمل مهري وسط حومتهم |
|
ونحن في رهج الهيجاء نطّعن |
حتى قطعت حسامي في رءوسهم |
|
وقلت لا تذكرن من بعدها يمن |
والخيل عابسة قد سربلت بدم |
|
يغيب فيه لها الأرساغ والثنن (٨) |
__________________
(١) أي محثوث على اتباعها تستغويك.
(٢) بالأصل : ابن شريح ، والصواب عن الأغاني.
(٣) الأغاني : وأومأ الفتى إلى الجذامي.
(٤) عن الأغاني وبالأصل : عقراها.
(٥) كذا بالأصل ، والأشبه : «فبعتها» والضمير يعود على أداة الراحلتين.
(٦) توفي سنة ١٩٠ قاله في الوافي بالوفيات ١٧ / ١٩٥ وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٨١ ـ ١٩٠) ص ٢٠٩ : وجدت ما يدل على بقائه إلى حدود المائتين ، وفي موضع آخر يقول : إنه بقي إلى ما بعد المائتين.
(٧) مرت أخباره وترجمته في كتابنا ، ارجع إليها.
(٨) الثنن جمع ثنة ، وهي شعرات في مؤخر رسغ الدابة.