الخطب ، وأجلّ النوائب ، يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي ، ولو لا أنت ما انتظرنا به ، فإذ قد جئت فأنت الغاية والكفاية لنا.
قال أبو بكر فصرفتهم على حس مس وسألت عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقيل : أنه في منزل خديجة ، فقرعت عليه الباب ، فخرج إليّ ، فقلت : يا محمّد ، فقدت من منازل أهلك واتّهموك بالفتنة ، وتركت دين آبائك وأجدادك ، قال : «يا أبا بكر إنّي رسول الله إليك وإلى الناس كلهم ، فآمن بالله» فقلت : وما دليلك على ذلك ، قال : «الشيخ الذي لقيته باليمن» ، فقلت : وكم من مشايخ لقيت باليمن ، وأمرت وأخذت وأعطيت ، قال : «الشيخ الذي أفادك الأبيات» ، قلت : ومن خبّرك بهذا يا حبيبي؟ قال : «الملك العظيم الذي يأتي الأنبياء قبل (١)» ، قلت : مدّ يدك ، فأنا أشهد أن لا إله إلّا الله وأنت رسول الله.
قال أبو بكر : فانصرفت وما بين لابتيها أشدّ سرورا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإسلامي [٦٠٤٩].
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، ثنا أبو محمّد الجوهري ، ثنا أبو علي بن محمّد بن أحمد ، نا زكريا بن يحيى السّاجي ، نا عبد الله بن هارون بن موسى بن عبد الله بن فروة المدني ، حدّثني عبيد الله بن إسحاق بن محمّد بن عمران بن موسى بن طلحة بن عبد الله ، قال : قال لي ـ يعني طلحة بن عبيد الله ـ :
كان إسلام أبي بكر فتحا ، وذلك أن ورقة بن نوفل جاء إلى أبي بكر ، فقال له : يا ابن أخ ، إني أراك متبدلا (٢) بمكة ، ولا أراك في شيء ، فأخبرني كم معك من المال؟ قال : عندي كذا وكذا من العين (٣) ، قال : فأنا آتيك غدي بكذا وكذا ، فأضعف لك حتى تخرج إلى الشام ، فتصيب فيه خيرا ، فتعطيني ما شئت ، وتمسك ما شئت ، فانقلب أبو (٤) بكر إلى زوجته ، فقال لها أبو بكر : اذبحي من تلك الغنم شاة سفّرينا بها ، قالت : وأين تريد؟ قال : الشام ، قالت : ولم؟ قال : إن ورقة بن نوفل قارضني أن أخرج مالي كله ويعطيني كذا وكذا ألف دينار ، قالت : أفلا أخبرك خبرا يسرك؟ قال : وما هو؟ قالت : جاء محمد يطلبك منذ اليوم ثلاث مرات ، فما حبسك عنه؟ قال : ما حبسني عنه إلّا ما
__________________
(١) في مختصر ابن منظور : قبلي.
(٢) اللفظة مهملة بالأصل بدون نقط ، والمثبت يوافق ما أثبته محقق مختصر ابن منظور ١٣ / ٤١.
(٣) كذا بالأصل وفي المختصر : من العير.
(٤) بالأصل : أبي.