فكبر ذلك على قريش ، وكان أوّل من اتبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم خديجة بنت خويلد زوجته ، ثم كان أوّل ذكر آمن به علي ، وهو يومئذ ابن عشر سنين ، ثم زيد بن حارثة ، ثم أبو بكر الصدّيق ، فلما أسلم أبو بكر وأظهر إسلامه ودعا إلى الله ورسوله ، فكان أبو بكر رجلا (١) مألفا لقومه محببا سهلا ، وكان أنسب قريش لقريش ، وأعلم قريش بما كان فيها من خير أو شرّ ، وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف ، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر ، لعلمه ، وتجارته ، وحسن مجالسته ، فجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه ، فأسلم على يديه فيما بلغني : الزبير بن العوّام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرّحمن بن عوف.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو عبد الرّحمن بن علي بن محمّد بن موسى ، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محمّد السّليطي ، ثنا أبو حامد بن الشرقي ، نا أحمد بن حفص ، حدّثني أبي ، حدّثني إبراهيم بن طهمان ، عن الحجّاج ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، حدّثني محمّد بن سعد (٢) بن مالك أنه قال لأبيه سعدا : كان أبو بكر الصدّيق أولكم إسلاما؟ قال : لا ، ولكن أسلم قبله أكثر من خمس ، ولكن كان خيرنا إسلاما.
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر ، ثنا أحمد بن عبد المنعم بن أحمد ، ثنا أبو الحسن العتيقي ، ثنا أبو الحسن الدارقطني ، نا إسماعيل بن محمّد الصفّار ، ثنا محمّد بن عبد الملك الدقيقي (٣) ، نا يزيد بن هارون ، ثنا أبو مالك الأشجعي ، نا سالم بن أبي الجعد.
أنه كان مع محمّد بن علي بالشّعب ، قال : فقلت له يوما : يا أبا عبد الله أكان أبو بكر أوّل القوم إسلاما؟ قال : لا ، فقلت : بأي شيء علا وليس كان لا يذكر أحدا غيره ، قال : لأنه كان خيرهم إسلاما يوم أسلم ، ثم لم يزل كذلك حتى قبضه الله على ذلك.
كتب إليّ أبو القاسم بن بيّان.
__________________
(١) سقطت من الأصل وأضيفت عن سيرة ابن إسحاق.
(٢) بالأصل : «سعيد» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ / ٣٠٠.
(٣) رسمها وإعجامها مضطربان بالأصل ، والصواب ما أثبت ، ترجمته في تهذيب الكمال ١٧ / ١٢.