( كامل الزيارة ) ص ٢٦١ : ان علي بن الحسين لما نظر الى اهله مجزرين وبينهم مهجة الزهراء بحالةٍ تذيب القلوب ، اشتد قلقه ، فلما تبيّنت ذلك منه زينب أخذت تصبره قائلة :
ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي ، فوالله إن هذا لعهدٌ من الله الى جدك وابيك ، ولقد أخذ الله ميثاق اناس لا تعرفهم فراعنة هذه الارض وهم معروفون في اهل السماوات ، إنهم يجمعون هذه الاعضاء المقطعة والجسوم المضرّجة فيوارونها ، وينصبون بهذا الطف عَلَماً لقبر أبيك سيد الشهداء لا يدرس أثره ولا يُمحي رسمه على كرور الليالي والايام ، وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلا عُلوّاً .
هذا
هو الايمان الصادق ، وهذا هو السرّ الذي أخبرت به الحوراء عن عقيدة راسخة مستمد من ينبوع النبوة وفيض الإمامة أتراها كيف تخبر متحققة مما تقول وتوكد قولها بالقسم إذ تقول : فوالله إنّ هذا لعهد من الله . ثم افتكر في مدى علمها وقابليّتها لتقبّل هذه الاسرار التي لا تستودع إلا عند الاوصياء والأبدال ولا تكون إلا عند من امتحن الله قلبه للإيمان . وهكذا كانت ابنة علي كلما عضّها الدهر بويلاته ولجّ بها المصاب انفجرت كالبركان تخبر عن مكنونات النبوة واسرار الإمامة ، اقول ومن هذا الحديث ترويه أمّ أيمن وهو من أصح الاخبار سنداً ، كما ورد على لسان ميثم التمار في حديث جبلّة المكيّة : إعلمي يا جبلّة ان الحسين بن علي سيد الشهداء يوم القيامة ، ولأصحابه على سائر الشهداء درجة وورد على لسان زين العابدين كما في ـ الكامل لإِبن قولويه ص ٢٦٨ قال : تزهر أرض كربلاء يوم القيامة كالكوكب
ادب الطف ( ١٦ )