شوهاء كطلاع الارض (١) أو ملأ السماء ، افعجبتم إن أمطرت السماء دماً ولعذاب الآخره أخزى وانتم لا تنظرون ، فلا يستخفنكم المهل فانه لا يحفزه (٢) البدار ، ولا يخاف قوت الثار وإن ربكم لبالمرصاد .
قال الراوي : فوالله لقد رأيتُ الناس يومئذ حيارى يبكون ، وقد وضعوا أيديهم على أفواههم . ورأيتُ شيخاً واقفاً الى جنبي يبكي حتى اخضلّت لحيته بالدموع وهو يقول : بأبي انتم وامي . كهولكم خير الكهول ، وشبانكم خير شبان ، ونساؤكم خير نساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يُخزى ولا يُبزى (٣) ثم انشد :
كهولكمُ خير الكهول ونسلكم |
|
|
|
إذا عُدَّ نسلٌ لا يبور ولا يُخزى |
|
وهذا حذلم بن كثير من فصحاء العرب أخذه العجب من فصاحة زينب وبلاغتها وأخذته الدهشه من براعتها وشجاعتها الابية .
ولما أدخلت السبايا على ابن زياد في قصر الإمارة بالكوفة وقد غصّ القصر بالناس إذ أن الرواية تقول : وأذِن للناس إذناً عاماً ، ووضع ابن زياد رأس الحسين بين يديه وأدخلت عليه نساء الحسين وصبيانه ودخلت زينب اخت الحسين في جملتهم متنكّرة وعليها أرذل ثيابها ومضت حتى جلست ناحيةً وحفّت بها إماؤها ، فقال ابن زياد : من هذه المتنكّرة فلم تُجبْه ترفّعاً عن مخاطبته حتى قال له بعض
__________
(١) طلاع الارض : ملؤها .
(٢) الحفز : الحت والاعجال .
(٣) لا يبزى : اي لا يغلب ولا يقهر .