يأتي بأمر يرزقني فيه العافية من أن أبتلي بشيء من امرك ، ( قال ) فتياسر عن طريق العذيب والقادسية وبينه وبين العذيب ثمانية وثلثون ميلاً وسار والحر يسايره حتى اذا كان بالبيضة (١) ، خطب اصحابه ثم ركب فسايره الحر ، وقال له اذكرك الله يا ابا عبد الله في نفسك فاني أشهد لئن قاتلت لتقتلن ولئن قوتلت لتهلكن فيما أرى فقال له الحسين أفبالموت تخوفني وهل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني ما ادرى ما أقول لك ولكني اقول كما قال اخو الاوس لإبن عمه حين لقيه وهو يريد نصرة رسول الله ( ص ) قال له اين تذهب فانك مقتول ؛ فقال :
سأمضي فما بالموت عار على الفتى |
|
إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما |
وآسي الرجال الصالحين بنفسه |
|
وفارق مثبورا (٢) وباعد مجرما |
أُقدم نفسي لا أريد لقاءها |
|
لتلقى خميساً في الهياج عرمرما |
فإن عشت لم اندم وإن مت لم الم |
|
كفى بك عاراً ان تلام وتندما |
فلما سمع ذلك الحر تنحى عنه حتى انتهوا إلى عذيب الهجانات ، فاذا هم باربعة نفر يجنبون فرساً لنافع بن هلال ويدلهم الطرماح بن عدي ، فاتوا إلى الحسين ( ع ) وسلموا عليه فأقبل الحر ، وقال إن هؤلاء النفر الذين جائوا من أهل الكوفة ليسوا ممن اقبل معك ، وانا حابسهم أو رادّهم ، فقال الحسين ( ع ) لامنعهم مما أمنع منه نفسى انما هؤلاء انصاري واعواني ، وقد كنت اعطيتني ان لا تعرض لي بشيء حتى يأتيك جواب عبيد الله ، فقال اجل لكن لم يأتوا معك ، قال هم أصحابي وهم بمنزلة من جاء معي ، فإن تممت على ما كان بيني وبينك وإلا ناجزتك قال فكف عنهم الحر ، ثم ارتحل الحسين ( ع ) من قصر بني مقاتل ، فأخذ يتياسر والحر يرده ، فاذا راكب على
__________
(١) البيضة بكسر الباء ما بين واقصة الي والعذيب .
(٢) الثبر : اللعن .