يكن من المناهيل إلّا أن هجموا على الحصن وجرّدوا العسكر من السّلاح ، وطردوهم ، وكسروا ناموسهم.
ولم يبال أحد منهم بالعار سوى يافعيّ واحد كان بينهم ؛ فإنّه لم يرض إلّا بالقتل ، وكان ذلك في سنة (١٣٦٦ ه) ، وأشاع بإثرها من في صدره ضبّ ضغن على الحكومة القعيطيّة : أنّ الدّولة البريطانيّة فصلت العر وما نزل عنها شرقا عن المملكة القعيطيّة ، وعقدت مع المناهيل معاهدة مستقلّة طمعا فيما ظهر بتلك البقاع من آثار البترول. وما أظنّ هذا يصحّ بحال ، وإذا كان المتحدّث سفيها .. يكون المستمع عاقلا ؛ لأنّ الحكومة الإنكليزيّة أعقل من أن تكون كالصّائم الّذي وقع على حشفة فأفسد بها صومه ، مع أنّه لا يتعذّر عليها شيء من أمر البترول مع بقاء الأرض في حوزة القعيطيّ ؛ إن هذا إلّا اختلاق.
ثوبه
هي من الدّيار القديمة. لها ذكر عند ابن الحائك كما سبق في الخون ، وقال في موضع آخر بعد العجز : (ثمّ ينحدر المنحدر منها إلى ثوبه ، قرية بسفلى حضرموت بواد ذي نخل ، ويفيض وادي ثوبه إلى بلد مهرة ، وحيث قبر النّبيّ هود عليه السّلام) اه (١)
وأطلال هذه القرية ظاهرة إلى اليوم ، وهي في شمال السّوم إلى الغرب ، بينها وبينه نحو نصف ساعة ، ينزلها المناهيل ، ويضربون بها الخيام ، وبها آثار كثيرة مطمورة بالتّراب.
وأخبرني الولد الفاضل الأديب عبد القادر بن أحمد بن عبد الرّحمن السّقّاف (٢) :
__________________
(١) الصفة (١٦٩ ـ ١٧٠).
(٢) وتعود معرفة الحبيب عبد القادر بهذه الأماكن لسكناه بها مدة ؛ إذ كان مدرّسا في قسم في الفترة ما قبل سنة (١٣٩٠ ه) ، وكان معه فيها الأستاذ النحوي الأديب السيد حسين بن عيدروس عيديد وتصاحبا مدة ، قرأ فيها الأستاذ حسين شيئا من كتب النحو على الحبيب عبد القادر ك «شرح القطر» لابن هشام.