وهذه من كبريات حوادث بادية حضرموت إن لم تكن أكبرها على الإطلاق ؛ فلقد أنتنت من جيفهم الجبال وسنقت الوحوش (١) من لحومهم.
وفي النّاحية الغربيّة من هذا النّجد طريق أخرى للسّيّارات ، تخرج من المكلّا ، وتمرّ في أعلى وادي حمم إلى جبال دوعن ، ثمّ تنزل بجحي الخنابشة ، ومنه إلى الكسر ، ثمّ إلى شبام.
وهناك تتّصل الطّريقان ، وتدخل في كلّ واحد من النّجدين أودية كثيرة كعمد ووادي دوعن ووادي العين ووادي بن عليّ وشحوح ووادي تاربه وبايوت والقرى الّتي في جنوب الغرف إلى عقبة الغزّ.
فهذه كلّها داخلة في النّجد الجنوبيّ ، وكوادي سر ويبهوض وجعيمه ووادي مدر ووادي الذّهب والخون وغيرها ، فكلّها داخلة في النّجد الشّماليّ كما سنذكره بعد أسطر.
وأمّا الثّاني : فالنّجد الشّماليّ (٢) ؛ وهو جبل ينقاد من قرب سيحوت شرقا إلى محاذات العبر غربا ، إلّا أنّه يستدقّ في طرفيه ، وتعقبه في الغرب آكام وقور (٣). وعرضه تارة ينبسط إلى مسافة ثمانية أيّام ، وأخرى ينقبض إلى خمسة أيّام فقط ، ومنه تنشعب الأودية إلى وادي الجابية ، ووادي سور ، ووادي هينن ، وأودية سر ، وجعيمه ، ومدر ، وثبي ، ووادي الغبيرا الّذي ينهر إلى دمّون ، ووادي الخون ، وسويدف ، ووادي عرده ، ووادي طبوقم من أودية الظّنّيّ ، وبعدهنّ وادي عشارهم ، وهو من أودية المهريّ وغيرها.
وارتفاعه من جهة الشّمال إلى الرّمال أقلّ من ارتفاعه في جهة جنوبه إلى حضرموت بكثير ، حتّى لقد تختلط أطرافه برمال الدّهناء ، كما سيأتي عن بير ثمود.
__________________
(١) سنقت : شبعت إلى حدّ التّخمة.
(٢) ينظر تفاصيل جغرافية هذا النجد في «الشامل» (١٢٠ ـ وما بعدها).
(٣) تكررت كلمة قور ، ولعل المراد بها جمع قارة ، والقارة : هي الأرض ذات الحجارة السوداء ، أو هي الجبل الصغير المنقطع عن الجبال.