وذكر لي من طالع «الصّبح المنبي عن حيثيّة المتنبّي» (١) [٥٢ ـ ٥٤] : (أنّ فيه قصّة طويلة ؛ فيها : أنّ المتنبّي خدع واحدا بما أراه من نتيجة الصّدحة ، فآمن بنبوّته ، وذلك شيء يسير تعمله العرب بأصغر حيلة ، وقد رأيت كثيرا منهم بالسّكون وحضرموت والسّكاسك يفعلون هذا ، حتّى إن أحدهم ليصدح عن غنمه ، وعن إبله ، وعن القرية ، فلا يصيبها شيء من المطر ، وهو ضرب من السّحر) اه
والأقرب أنّه من آثار إجابة الدّعاء ومن أسرار الحروف ، فلا يلزم أن يكون سحرا (٢) ، لا سيّما وأنّ له حقيقة ظاهرة.
وبار
ومن وراء هذا الجبل الضّارب بجرانه من نحو العبر إلى مشارف سيحوت : صيهد حضرموت ، أو وبار ، أو رمل عالج ، أو الدّهناء ، أو البحر السّافي ، أو الرّبع الخالي ؛ فكلّ ذلك يقال عليها ـ كما أشرنا إلى بعضه في «الأصل» ـ ولا عبرة بما طرأ من تخصيص الدّهناء بما جاور نجدا من رمالها ؛ قال ياقوت في (ص ٤٤٢) من الجزء الأخير : (وكانت منازل عبيل يثرب ، ومساكن أميم برمل عالج ـ وهي أرض وبار ـ ومساكن جرهم بتهائم اليمن ، ثمّ لحقوا بمكّة ...) ، وأطال في ذلك بما تكفي الإحالة عليه.
وكان الحبيب أحمد بن حسن العطّاس يقول : (إنّها تصل ما بين البصرة ونجد وأرض العوامر والمناهيل وجبال حضرموت النّجديّة الشّرقيّة ، وأقرب المنازل إليها من جهة الإحساء رملة يبرين) اه
وقوله : (النّجديّة) ؛ يعني : الشّماليّة ، ولعلّ يبرين هذه الّتي يعنيها الشّمردل
__________________
(١) اسم كتاب من تأليف العلامة يوسف البديعي الحلبي الأديب ، المتوفى سنة (١٠٧٣ ه) ، وهو دمشقي الأصل ، تولى قضاء الموصل. ترجم له المحبي في «الخلاصة» (٤ / ٥١٠).
(٢) لأن السحر إنما هو تخييل ووهم يضرب على الأعين قال تعالى : (سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ)