عبد الرّبّ بن صلاح ، ثمّ أخوه عبد الحبيب ، وكان شهما صارما حازما. ثمّ تولّى بعده ولده محمّد.
وفي أيّامه : أخذ آل عبد الرّبّ بن صلاح يدبّرون المكايد لاغتياله ، فأحسّ بذلك ، فوطّأ لهم كنفه ، وكان ذلك في اقتبال رمضان ، فأظهر النّسك واشتغل بالعبادة ، فخفّ حقدهم عليه ، وهو يعمل عمله ليتغدّاهم قبل أن يتعشّوه.
وفي اللّيلة السّابعة والعشرين من رمضان : هجم عليهم وهم غارّون (١) نائمون ، بعد أن اشترى ذمم عبيدهم ففتحوا له الباب ، فأباد خضراءهم ، وقتل منهم ومن حاشيتهم ثلاثة عشر رجلا في ساعة واحدة ، وهرب من بقي منهم بخيط رقبته إلى السّواحل الإفريقيّة.
ولمّا مات محمّد بن عبد الحبيب .. وقعت عصابته (٢) على ابنه صلاح بن محمّد بن عبد الحبيب ، وكانت له محاسن ، وعدل تامّ ، وشدّة قاسية على أهل الفساد ، ولم يزل على ذلك إلى أن توفّي في ربيع الثّاني من سنة (١٢٩٠ ه).
وخلفه ولده عمر بن صلاح ، وجرت بينه وبين السّلطان عوض بن عمر القعيطيّ خطوب انهزم في أوّلها القعيطيّ ، ثمّ استعان بحكومة عدن ، فاستدعت عمر صلاح ، وخيّرته ـ بعد أن أخذت التّحكيم من الطّرفين ـ بين أن : يدفع المئة الألف حالا ، أو يتسلّم مئة ألف ريال من القعيطيّ ، ويترك له البلاد. وبين أن يتسلّم بروما من القعيطيّ ، وقدرا دون الأوّل من الرّيالات. فلم يقبل ، فأجبروه على الجلاء من المكلّا ، فذهب إلى السّواحل الإفريقيّة ـ حسبما فصّلناه ب «الأصل» ـ واحتفظوا لأنفسهم منّة كبرى على القعيطيّ بهذا الصّنيع.
وكان ليوم سفر النّقيب من المكلّا رنّة حزن في جميع الدّيار ؛ لأنّهم كانوا متفانين في محبّته.
__________________
(١) غارّون : غافلون.
(٢) كناية عن استخلافه بعده.