برّا حتّى وصلوا بلاد فوّة ، فنزل هولتن وطرد عسكر النّقيب ، وسلّم فوة للقعيطيّ.
ثمّ توجّه المنور والسّفن إلى المكلّا ، وحصروا المكلّا ، وقطعوا وارد الماء من البرّ ، فطفق النّقيب يخاطب هولتن ويذكّره الصّداقة والمعاهدة ، ولمّا رآه مصمّما على حربه بما لا طاقة له به .. طلب الأمان ، وسلّم بلاده للقبطان هولتن ، ونزلت عساكر الإنكليز ، وركب النّقيب عمر صلاح في حاشيته ونسائه وأطفاله ورجاله المقدّرين بألفين وسبع مئة نفس ، سار بهم القبطان هولتن إلى عدن بعد أن سلّم المكلّا للقعيطيّ ، ولمّا وصل النّقيب بحاشيته إلى مرسى عدن .. طلب مواجهة الوالي .. فلم يجبه ، بل شدّد عليه الحصر في السّفن ، ومنعهم النّزول إلى البرّ ، واشتدّ عليهم الضّيق والزّحام حتّى مات منهم نحو مئتي نفس ، وبقوا في الحصر اثنين وعشرين يوما ، يطلع إليهم هنتر وصالح جعفر إلى البحر في كلّ يوم يتهدّدون النّقيب عمر بالحبس والقيد إذا لم يمض على خطّ البيع .. فلم يوافقهم ، ولمّا أيسوا من موافقته .. نزّلوا فرقة من عسكره تقدّر بسبع مئة إلى برّ عدن ، ورخّصوا له بالسّفر ، فتوجّه مظلوما مقهورا من مأموري عدن إلى بندر زنجبار ، والآن له مدّة سنتين يخاطب دولة الهند فيما حصل من ظلم مأموري عدن ، ويطلب الإنصاف من دولة الإنكليز بوجه الحقّ .. فلم تفده بجواب ، وهو في انتظار الإنصاف إلى هذا الوقت ، وقد حرّر هذا لأعتاب دولتكم ؛ ليكون الأمر معلوما ، والسّلام. اه بنوع اختصار.
ومنها يعرف أنّ الوثيقة الأولى هي الّتي انعقدت على يد سندر سنة (١٢٩٥ ه) ، والثّانية هي الّتي انعقدت على يد فرانسيس لوك سنة (١٢٩٦ ه) ، والله أعلم.
ومن ذلك اليوم صفت المكلّا لآل القعيطيّ ، يتداول حكمها بين السّلطان عوض وأخيه عبد الله بن عمر ، إلى أن مات الثّاني في سنة (١٣٠٦ ه) عن ولدين ، كان لهما مع عمّهما عوض نبأ يأتي ذكر بعضه في الشّحر.
وفي سنة (١٨٨٨ ميلاديّة) ـ ولعلّها موافقة سنة (١٣٠٥ هجريّة) (١) ـ انعقدت معاهدة بين الحكومة الإنكليزيّة والحكومة القعيطيّة ، هذا نصّها :
__________________
(١) فائدة : لتحويل التّاريخ الميلاديّ إلى هجريّ نفعل الآتي : (ميلادي ـ ٦٢٢) * ٣٣ ـ ٣٢ ـ الهجري.