فيه حالا واستقبالا. وإنّما يمتنع الإحياء والتّصرّف فيما تيقّن وقفها ، أو أنّ مالكا سبّلها)
وقال العينيّ ـ وهو من الحنفيّة ـ : (ذكر أصحابنا أنّ المقبرة إذا دثرت .. تعود لأربابها ، فإن لم يعرف أربابها .. كانت لبيت المال). اه وفي شروح «المنهاج» ما يوافقه.
وقال ابن القاسم من المالكيّة : (لو أنّ مقبرة عفت (١) ، فبنى عليها قوم مسجدا .. لم أر بذلك بأسا) اه (٢)
وهذا شامل لما تحقّق وقفها أو تسبيل مسبّل لها.
أمّا ما لم يتحقّق فيه ذلك .. فنحن وإيّاهم على اتّفاق في جواز إحيائه والتّصرّف فيه.
وقال بعض الحنابلة : (إذا صار الميت رميما .. جازت زراعة المقبرة والبناء عليها)
وهذا في غير قبور الأولياء والعلماء والصّحابة ؛ أمّا هؤلاء .. فلا تجوز على قبورهم مطلقا.
وفي شرحي بيتي السّلطان غالب بن محسن من ثالث أجزاء «الأصل» ما يصرّح بأنّ المكلّا لم تزل خيصة في سنة (١٢٤٩ ه) ، وأنّ سكّانها إذ ذاك لا يزيدون عن أربعة آلاف وخمس مئة نفس.
ثمّ إنّه لم يكن للعلم شأن يذكر بالمكلّا (٣) ونواحيها (٤) ؛ لانصراف وزير الحكومة
__________________
(١) عفت : زالت وذهب آثارها.
(٢) التاج والإكليل (٦ / ٣٢).
(٣) ذكر السيد محمد بن هاشم في «رحلة الثغرين» عندما ورد المكلا في سنة (١٣٥٠ ه) ، أن بها خمس مدارس وهي : المدرسة السلفية ، والمدرسة الوطنية ، ومدرسة الفلاح ، والمدرسة الهاشمية ، والمدرسة السلطانية.
(٤) ونواحيها : ما قرب منها من المناطق الساحلية ، ولا يدخل في هذه النواحي غيل باوزير ؛ فقد كان للتعليم به شأن وأي شأن ؛ إذ كان رباط ابن سلم يغدق على الساحل الخريجين الفقهاء وطلاب العلم الشرعي ، كما سيأتي معنا في الغيل لاحقا.