مدرسة تحضيريّة لتربية التّلاميذ على الأخلاق الفاضلة ؛ فإنّ الهمم قد سقطت ، والذّمم قد خربت ، ولن تعود سيرتها الأولى إلّا بمدرسة تأخذ بطريق التّربية الصّوفيّة ، أو قريب منها ، مع الابتعاد عن الخلطة (١) ؛ لأنّ أكبر المؤثّرات على الصّبيان المشاهدة ، فلن ينفعهم ما يسمعون إذا خالفه ما ينظرون ؛ إذ المنظور لا ينمحي من الذّاكرة ، بخلاف المسموع .. فإنّه لا يبقى إلّا عند صدق التّوجّه ، فلا مطمع في إصلاح نشء مع اختلاطه بمن لا تحمد سيرته البتّة ؛ ولذا لم يكن لبني إسرائيل علاج من أمراضهم الأخلاقيّة إلّا بإهلاك الجيل الفاسد في التّيه ، وتكوين ناشئة لم تتأثّر بهم.
وفي «الصّحيح» [خ ١٣١٩] : «كلّ مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه ، أو ينصّرانه ، أو يمجّسانه».
فنحن بحاجة ماسّة إلى إيجاد البشريّة الصّحيحة قبل العالميّة ، ومعلوم أنّ التّخلية مقدّمة على التّخلية ، والتّلاميذ ظلّ آبائهم وأمّهاتهم ومعلّميهم ، إن خيرا .. فخير ، وإن شرّا .. فشرّ ، وكثيرا ما أذكّر المعلّمين بخاتمة قصيدة جزلة لي في الموضوع ، وتلك الخاتمة هي قولي [في «ديوان المؤلّف» ٢٠٧ من البسيط] :
وفّوا الكلام وكونوا في الذّمام وفي |
|
خوف الملام على ما كانت العرب |
ثمّ إنّه لم يكن عندي تصّور لمناحي التّعليم وأخلاق الطّلّاب والمدرّسين بالسّاحل .. حتّى يسوغ لي الحكم ؛ فإنّما يتناول ثنائي ما ظهر من جمال الأسلوب ، وحركة الانقلاب ، وعموم التّيقّظ والانتباه ، وإجادة بعضهم في الشّعر حتّى يسوغ لي الحكم.
وفي المكلّا : ديوان للحكومة ، وإدارة للكهرباء ووزارة للماليّة ، وليس للسّلطان إلّا مرتّب مخصوص قدره عشرة آلاف ربيّة في الشّهر ، ثمّ رفع إلى خمسة عشر ألف ربيّة ، مع إضافات معيّنة لا يتجاوزها.
__________________
(١) مراد المصنّف هنا بالخلطة : مخالطة الأضداد ، ويقصد بهم : ذوي الطّباع السيّئة والأخلاق الرّذيلة ، المضادّة للطّباع السّليمة والأخلاق القويمة.