والمشهور : أنّه مات على فراشه ، وقال بعضهم : إنّها وقعت بينه وبين الشّاوش صلاح الضّبيّ اليافعيّ واقعة قتل فيها صلاح وجماعة من عسكر الطّرفين ، ولكنّ ملك حيدرآباد أصلح بينهم ، غير أنّ يافعا بعد عامين من الصّلح كادت للأمير عبد الله بن عليّ العولقيّ مع خروجه لصلاة العصر ، وأطلقت عليه الرّصاص ، وكان كما قال الأوّل :
مضى مثل ما يمضي السّنان وأشرقت |
|
به بسطة زادت على بسطة الرّمح |
فتى ينطوي الحسّاد من مكرماته |
|
ومن مجده الأوفى على كمد برح (١) |
وقد وقع رداؤه على ولده محسن (٢) ، وكان على قدّة أبيه (٣) ، جودا ونجدة وشهامة ، ولكنّه لم يكن مثله ـ ولا بقريب منه ـ لا في العلم ولا في الدّين ، فانطبق عليه قول ليلى الأخيليّة [من الطّويل] :
فنعم فتى الدّنيا وإن كان فاجرا |
|
وفوق الفتى لو كان ليس بفاجر |
وهذا البيت من الكلام الجزل (٤) ، الّذي لا يعلكه إلّا لحي بازل فحل (٥) ، فمجيئه من لسان هذه المرأة يفتح للنّساء أبواب الفخر والاحتجاج على الرّجال بمصاريعها ،
__________________
(١) البيتان من الطويل ، وهما أيضا للبحتري في «ديوانه» (١ / ٧٤).
(٢) خلف محسن بن عبد الله والده في حكم الحزم وحصن صداع ، وهو الّذي جرت بينه وبين القعيطيّ الحوادث السّالفة الذّكر ، عقب دخوله في الحلف الثّلاثيّ. وقد ترك له والده تركة وميراثا يقدّر بعشرين مليون روبية أو تزيد ، ويروى عن الأمير عبد الله بن علي قوله : تركت لولدي محسن عشرين ألف ألف روبية نقدا ، فضلا عمّا يناسبها من العقار والأثاث والمجوهرات ، ثمّ إن كان فحلا .. فلن يحتاجها ، وإن كان فسلا .. فلن تنفعه. «بضائع التابوت» (٣ / ٢٦). قال السّلطان غالب بن عوض القعيطيّ ـ الأخير ـ : ولقد سمعت بنفسي من مجموعة من الثّقات المسنّين بأنّه عندما احترق قصره في أيّام أحفاده نتيجة لإصابته بصاعقة .. شوهدت المعادن ـ مثل الفضة وغيرها ـ تسيل في المجاري بسبب الحرارة.
(٣) قدّة : طريقة.
(٤) الجزل : ضدّ الرّكيك.
(٥) في هذا الكلام كناية على رفعة هذا الكلام ، وأنّه لا يتكلّم به إلّا الفحول من الرّجال.