وآخرون يحملونه على أنّ الدّاعي إلى الصّلاة من الدّين ، والسّائق لها من الضّمير ، فلا تحتاج إلى عهد ولا إلى يمين. ولمّا مات ناجي بن عليّ .. خلفه ولده عليّ ناجي الثّاني.
وفي سنة (١٢٦٧ ه) : كانت حادثة مرير (١) ، وحاصلها : أنّ آل كثير أغاروا على الشّحر بعسكر مجر (٢) ، وجاءتهم نجدة من الأتراك في البحر من مكّة المشرّفة ، على رأسها شيخ العلويّين ، السّيّد إسحاق بن عقيل بن يحيى ، مؤلّفة تلك النّجدة من نحو خمس مئة جنديّ بعدّتهم وعتادهم ، فبلغت العساكر البحريّة والبريّة نحوا من خمسة آلاف ، إلّا أنّه لم يصحبها رفيق من التّوفيق ، فكان عاقبتها الانهزام الشّامل ، والفشل الشّائن ، كما هو مفصّل ب «الأصل» [٣ / ٩ ـ ١٦].
وبعضهم يعلّل ذلك الانهزام بخيانة من سيبان الموجودين بكثرة في الجيش الكثيريّ ؛ لأنّهم كانوا في طليعة الجيش المرابط بمرير ، فلمّا هاجمتهم فرقة من عسكر الكساديّ جاءت من المكلّا لمساعدة آل بريك .. انهزموا وذهبوا بها عريضة وأكثروا من الأراجيف (٣) ، فخلعوا قلوب الجيش الكثيريّ وملؤوا صدورهم رعبا ، فركب كلّ منهم رأسه ، وذهبوا عباديد (٤) لا يلوي أحدهم على شيء قطّ ، وعادت النّجدة التّركيّة إلى أسطولها الرّاسي بشرمة ؛ لأنّ مرسى الشّحر كان مكشوفا ؛ وكان البحر هائجا ، والوقت خريفا ، وتفرّق الجيش الكثيريّ أيدي سبأ (٥) ، وعاد بخيبة الرّجاء ، ولم يبق بالمعسكر في اليوم الثّاني نافخ ضرم (٦).
وكان من نتيجة ذلك الفشل : أنّ السّلطان عبد المجيد العثمانيّ (٧) أقال السّيّد
__________________
(١) مرير : موضع بين الشّحر وزغفة ، نسبت إليه تلك الحادثة التّاريخيّة ؛ لأنّ فيه كان مبدأ فشل المحادثات بين السّيّد إسحاق بن عقيل وسلاطين حضرموت.
(٢) المجر : الكثير العظيم.
(٣) الأراجيف ـ جمع إرجاف ـ وهو : الخوض في الكلام.
(٤) عباديد : فرقا متبدّدين.
(٥) تفرّقوا أيدي سبأ : كلمة تقولها العرب كناية عن تفرّق الشّمل.
(٦) نافخ ضرم : موقد نار.
(٧) السّلطان عبد المجيد خان بن محمود خان العثمانيّ (١٢٣٧ ـ ١٢٧٧ ه) ، له مبرّات ، من أجلّها