إسحاق من مشيخة العلويّين بمكّة (١) ، وأبدله بالسّيّد محمّد بن محمّد السّقّاف (٢).
وفي سنة (١٢٨٣ ه) : جهّز السّلطان غالب بن محسن الكثيريّ على الشّحر ، فاستولى عليها ، وهرب عليّ ناجي بمن معه وما قدر عليه ، في خمس من السّفن أعدّها لذلك من يوم علم بالغزو ، وكان هربه إلى المكلّا فلم يمكّنه الكساديّ من النّزول بها ؛ معتذرا بأنّه لا يصلح سيفان في جفير (٣) ، فأبحر إلى يشبم (٤) ، وأذن له النّقيب أن يبقي نساءه وصغاره في خلف ، ومات كثير منهم بالبرد .. فانتقل بعضهم إلى الحرشيات ، أمّا المكلّا .. فلم يمكّنهم من دخولها ، وأقام عليّ ناجي عند الشّيخ فريد بن محسن العولقيّ عاما ، ثمّ ركب إلى عدن ، وعاد منها إلى الشّحر.
وكان عليها الأمير عبد الله بن عمر القعيطيّ بعد جلاء غالب بن محسن عنها (٥) ، فأكرم وفادته ، وتحفّى به (٦) حتّى لقد دخل بين البحّارة الّذين حملوه من القارب إلى السّاحل ، وأحسن مثواه ، إلّا أنّ فكرة الإمارة عادت تتحرّك في صدره ، وكلّما ذكر أيّامه عليها بالشّحر .. قال بلسان حاله :
فوالهفة كم لي على الملك شهقة |
|
تذوب عليها قطعة من فؤاديا |
__________________
تجديده عمارة الحرم النّبويّ الشّريف سنة (١٢٧٠ ه). «حلية البشر» (١٠٣٠ ـ ١٠٣٦).
(١) توفّي السّيّد إسحاق سنة (١٢٧١ ه) ، وتقدّم ذكر شيء من ترجمته ، ولوالده ترجمة حافلة في «عقد اليواقيت».
(٢) السّيّد محمّد بن محمّد بن محمّد السّقّاف ، توفّي بمكّة سنة (١٢٨٣ ه) ، كان عالما فاضلا ، جمع مكتبة خطّيّة ضخمة ، تفرّقت بعد موته ، وهو من آل باعقيل السّقّاف. وتولّى مشيخة السّادة بمكّة بعده ابن أخيه السّيّد محضار بن عبد الله بن محمّد السّقّاف.
(٣) الجفير : الكنانة ، والمعنى : لا يصلح سلطانان في موضع واحد.
(٤) يشبم : بلدة كبيرة في محافظة شبوة ، تقع إلى الجنوب من عتق بنحو (٤٠ كم) ، وكانت في السابق عاصمة للعوالق العليا ، قبل أن تصبح الصعيد عاصمة لها.
(٥) كان جلاء غالب بن محسن الكثيريّ عن الشّحر في (٢٤) ذي الحجّة (١٢٨٣ ه) ، بعد أن أغار عليه القعيطيّ بجيش يقدّر عدد رجاله بثلاثة آلاف مقاتل ، قاوم جيش السّلطان غالب ، ثمّ استسلم بعد يومين فقط من المقاومة ، تاركا وراءه (٤٠) قتيلا.
(٦) تحفّى به : بالغ في إكرامه.