ورسخت أقدام القعيطيّ بالشّحر ، وجلس عليها الأمير عبد الله بن عمر القعيطيّ ، كما عرف ممّا سبق.
وبعد وفاته في سنة (١٣٠٦ ه) : خلفه عليها ولده حسين بن عبد الله ؛ لأنّ أكثر إقامة السّلطان عوض بن عمر كانت بحيدرآباد الدّكن في خدمة النّظام الآصفي ، ثمّ نزغ (١) الشّيطان بين السّلطان عوض وأولاد أخيه عبد الله ، وهما : منصّر وحسين ، وجرى بينهم ما فصّلناه ب «الأصل» (٢).
وكانت النّهاية تحكيم المنصب السّيّد أحمد بن سالم بن سقّاف ، فحكم بأن لا حظّ لهم في الإمارة ، وتمّ جلاؤهم عن الشّحر والغيل بمساعدة الحكومة الإنكليزيّة في سنة (١٣٢٠ ه).
ومن العجب أنّ التّحكيم كان خاصّا بما بينهم من الدّعاوى الماليّة ، ومع ذلك فقد كان الحكم شاملا للإمارة!!.
واستتبّ الأمر للسّلطان عوض بن عمر القعيطيّ ، فحل حضرموت ، وطلّاع نجادها ، ومزلزل أوتادها.
مدبّر ملك أيّ رأييه صارعوا |
|
به الخطب ردّ الخطب يدمى ويكلم |
وظلّام أعداء إذا بدىء اعتدى |
|
بموجزة يرفضّ من وقعها الدّم (٣) |
ولو بلغ الجاني أقاصي حلمه |
|
لأعقب بعد الحلم منه التّحلّم (٤) |
__________________
(١) نزغ : أفسد وأغرى.
(٢) حاصل ما جرى : أنّ منصّرا وحسينا ابنا عبد الله بن عمر قاما بتقسيم السّلطنة إلى نصفين : لهما نصف ، ولعمّهما عوض نصف ، فعرض عليهم السّلطان عوض كلّ الإغراءات والتّنازلات ليكسبهما ويقنعهما بعدم التّقسيم بدون فائدة. وانقسم الجيش والحاشية إلى قسمين ، وكلّ قسم يؤيّد صاحبه على السّلطة ، وكادت هذه الخلافات أن تعصف بالإمارة ، لكن تدخّل الوسطاء ، وبعد رأي .. قبلت الوساطة من الطّرفين ، وحكّموا منصب عينات ، ووقّعوا على التّحكيم ، وقضى المنصب لعوض بن عمر بالإمارة ، ممّا جعل الأميرين يرفضان التّحكيم ويتوجّهان إلى سبل العناد والعصيان ، وانتهى الخلاف بإقصاء حسين ومنصّر من حضرموت ، ومنصر هذا هو باني الحصن المشهور باسمه الكائن في غيل باوزير والقائم بناؤه إلى الآن.
(٣) الموجزة : الضّربة الّتي تختصر العمر ، فيترشرش الدّم من وقعها.
(٤) الأبيات من الطّويل ، وهي للبحتري في «ديوانه» (١ / ١١٣).