وقول البحتريّ [في «ديوانه» ٢ / ٣٣٩ من الطّويل] :
تغطرس جود لم يملّكه وقفة |
|
فيختار فيها للصّنيعة موضعا |
وقوله [في «ديوانه» ١ / ٦٣ من الطّويل] :
إلى مسرف في الجود لو أنّ حاتما |
|
لديه .. لأمسى حاتم وهو عاذله |
وقول أبي الطّيّب [في «العكبريّ» ١ / ١٢٩ من الكامل] :
ودعوه من فرط السّماح مبذّرا |
|
ودعوه من غصب النّفوس الغاصبا |
وفي أيّامه كانت حادثة الحموم في (٢٧) ربيع الثّاني من سنة (١٣٣٧ ه) ، وحاصلها : أنّهم كانوا يخيفون السّابلة ، والحكومة القعيطيّة تتوقّى شرّهم وتدفع لهم مواساة سنويّة يعتادونها من أيّام آل بريك.
وفي ذلك العهد انعقد الصّلح بين الحموم والحكومة القعيطيّة بدراهم بذلتها لهم الحكومة ـ لا يستهان بها ـ على العادة الجارية بينهم في ذلك ، فبينا هم غارّون (١) .. هاجمتهم سيبان ، وكان لها عندهم ثار ، فقتلت منهم عددا ليس بالقليل ، فاتّهموا الحكومة بمساعدتهم ، وظفروا بجماعة من يافع فقتلوهم ، فما زال ناصر أحمد بريك أمير الشّحر يومئذ يداريهم ويستميلهم ، ويظهر لهم أنّ قتلهم ليافع لم يثر حفاظه .. حتّى اجتمع منهم بالشّحر نحو من أربع مئة ، وكانوا يعتدّون بأنفسهم وبهيبة الحكومة لهم .. فلم يبالوا بالدّخول من دون تجديد للصّلح الّذي وقع فيه ما وقع فألقى عليهم القبض أجمعين ، وقتل سبعة وعشرين من رؤسائهم ، ودفنهم في قبر واحد من غير غسل ولا صلاة ولا تكفين ؛ منهم : سالم بن عليّ بن مجنّح ، الملقّب (حبريش) ، وحيمد بن عمرو بالفرج الغرابيّ ، ومرضوح بن عوض اليمنيّ ، وغيرهم. وأظهروا من الثّبات ساعة القتل ما أبقى لهم جميل الأحدوثة.
ومات في حبس القعيطيّ منهم مئة وسبعة ، وأطلق بعد ذلك سراح الباقين ، ولكن بعد ما وهن جانبهم ، ونخرت عيدانهم ، إلّا أنّ عليّ بن حبريش لم يزل يجمع
__________________
(١) غارّون : غافلون.