ومن «دشتة» وجدت بزاهر باقيس : (وحريضة كانت تسمّى قريضة ، ترد إليها القوافل من صنعاء ومأرب ، وكانت بها أسواق ، وهي من بلاد عاد القديمة).
وفي بعض مذكّرات الحبيب أحمد بن حسن العطّاس : (أنّ حريضة كانت ذات جاهليّة صمّاء ، وطاغوتيّة عمياء ، وكانت لليهود قبل النّبوّة ، فأسلموا بكتابه صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثمّ ارتدّوا إلى اليهوديّة ، وبقوا عليها إلى زمان المهاجر أحمد بن عيسى ، فأسلموا على يده وحسن إسلامهم ، وإنّما بقيت لهم نزغات يحييها الجهل ويطفئها العلم) (١). نقله العلّامة السّيّد عليّ بن حسن العطّاس ، والشّيخ محمّد بن أحمد بامشموس ، من «مناقب الحبيب عمر بن عبد الرّحمن العطّاس».
وجاء في كلام الحبيب عمر بن حسن الحدّاد : (أنّ الحبيب عمر العطّاس كان كآبائه في النّسك ، فأشار عليه شيخه الحبيب حسين ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم أن يرحل إلى حريضة ليعلّم أهلها (٢) ؛ علّهم يفيقون ممّا هم عليه من الجهل والغلظة ، وقال له : لو أعلم أحدا أجفى منهم .. لبعثتك إليهم ، فسار إلى هناك ، وألفاهم على جاهليّة جهلاء ، يبيتون مختلطين رجالا ونساء على ما يسمّونه الظّاهري (٣) ، فلم يسعه إلّا أن دخل فيهم ، وجعل يلقي عليهم الأراجيز في ألعابهم ، ثمّ أشار عليهم بعزل النّساء عن الرّجال ، وما زال يتدرّج في نصحهم وإرشادهم ـ كمؤمن آل فرعون في ترتيب دعوته لقومه ـ حتّى انكفّوا عن العادات السّيّئة ، وأقبلوا على الدّين والصّلاة بفضل هذه السّياسة والرّفق) اه بمعناه
وقد تكرّر هذا في كلام الحبيب عمر بن حسن الحدّاد ، ولاحظ عليه سيّدي أحمد بن حسن العطّاس : أنّ الحبيب عمر بن عبد الرّحمن لا يقول الشّعر .. فلعلّه الحبيب عليّ بن حسن ؛ لأنّه الشّاعر الّذي لا يدافع ، ولكنّه لا يمكن أن يكون
__________________
(١) نزغات : وسوسات وتحريك للإفساد بين النّاس.
(٢) مولده باللسك سنة (٩٩٢ ه) ، سنة توفّي الشّيخ أبو بكر بن سالم ، وهي قريبة من عينات. ولا زال بيته بها معلوما.
(٣) الظّاهريّ : رقصة كان يفعلها البادية ، تضرب فيها الهواجر ـ جمع هاجر ـ وهي الطّبول الكبيرة ، ويرقص على دقّاتها الرّجال والنّساء ، وهي من الألعاب الّتي يولع بها البدو ، ومثلها : الشرح.