والخريبة أكثر بلاد دوعن عمارة ورفاهة ، حتّى لقد جاء في «مجموع كلام السّيّد عمر بن حسن الحدّاد» ـ المتوفّى في سنة (١٣٠٨ ه) وكان أقام بها كثيرا ـ أنّه : يذبح في سوقها كلّ ليلة عشرون رأسا من الغنم ، مع أنّه لا يذبح لذلك العهد في سيئون وتريم أكثر من رأسين في كلّ ليلة ، فانظر إلى هذا التّفاوت العظيم (١).
ثمّ رأيت الطّيّب بامخرمة يقول : (والخريبة مدينة بوادي دوعان الأيمن ، ولمّا استولى الفقيه الصّالح ، الورع الزّاهد ، العالم العامل ، عفيف الدّين عبد الله بن محمّد بن عثمان بن محمّد بن عثمان العموديّ النّوّحيّ على وادي دوعان .. سكن رأس الخريبة ، وأقام لهم الشّريعة ، وأحيا السّنّة ، وأطفأ البدعة ، لكن لم يوافق هواهم .. فحاربوه وأخرجوه ، فانتقل إلى ذمار ، وتوفّي بها سنة (٨٤٠ ه) ، كذا وجد بخطّ بعض الفضلاء) هذا آخر كلامه ، وفيه جزم بأنّ آل العموديّ من نوّح ، وقد فصّلت الخلاف في نسبهم ب «الأصل».
الرّشيد
بلدة صغيرة فيها جامع ، كانت تحت ولاية ابن دغّار الكنديّ إلى أواخر القرن الثامن كما سبق في حجر.
ولما جار وطغى .. أصابته سهام اللّيل (٢) الّتي لا تبطىء ولا تخطىء ، فزال عنها وخلفه عليها وعلى غيرها آل بالحمان ، ويظهر أنّهم من الإباضيّة ، وبهم يتحقّق قول ابن خلدون المتوفّى سنة (٨٠٨ ه) في (ص ١٧٠ ج ٣) من «تاريخه» : (أنّ لهم دعوة باقية بحضرموت إلى الآن).
ثمّ أهلك الله آل بالحمان بعقب الظّلم والجور ، ولم يسلم منهم إلّا واحد لقّب ب :
__________________
(١) أما اليوم فالذي يذبح في رباط باعشن يفوق ما يذبح في الخريبة ؛ لتحول السوق إليها.
(٢) سهام اللّيل : كناية عن الدّعاء ، قال الشّاعر :
أتهزأ بالدّعاء وتزدريه |
|
وما تدري بما صنع الدّعاء |
سهام اللّيل نافذة ولكن |
|
لها أمد وللأمد انقضاء |