ومصلحة الشّرب أظهر من مصلحة المسجد ؛ إذ الماء لا يمنع ، ومهما أوّلوه .. فبعيد أن يكون شرب بقيّة السّلف الوالد مصطفى بن أحمد حراما ، ولكنّ الأمر إذا ضاق .. اتّسع ، إلّا أنّه قد يغبّر عليه أنّ لابن الخطّاب شأنا بالمدينة تخالف ما جرى عليه بمكّة ، وذلك أنّه أراد توسعة المسجد النّبويّ بدور منها دار العبّاس .. فلم يرض ، وحاكم عمر .. فخصمه ، وللفرق مجال بين الحرمين كثير ؛ إذ قيل : إنّ دور مكّة لا تباع ولا توهب ، ولم يقل أحد بمثل ذلك في المدينة. والله أعلم.
وفي القويرة ناس من آل شويه ، يغلب على الظّنّ أنّ جدّهم أحد الأربعة القادمين مع المهاجر ، حسبما يأتي في سيئون.
حلبون
هي قرية في الحضيض النّازل عن القويرة ، ويزعم بعضهم أنّها كانت متّصلة بها ، وكثيرا ما يقال : قويرة حلبون ، ولو صحّ ذلك .. لم يكن إلى تعدّد الجمعة سبيل حسبما في فتوى بامخرمة السّابقة في قرى الشّحر ، لكنّ الجمعة متعدّدة في القريتين ، فدلّ على استقلال كلّ من الأصل (١).
وسكّان حلبون : آل باقيس وغيرهم (٢) ، ومنهم : الصّالح الشّهير ، والرّبّانيّ الكبير ، الشّيخ فارس باقيس ، ممدوح الشّيخ عمر بن عبد الله بامخرمة.
ومنهم : خاتمة الصّوفيّة المسلّكين ، الشّيخ محمّد بن ياسين باقيس (٣) ، المتوفّى
__________________
(١) أي : من أصل منشئهما ، وحلبون تقع شماليّ القويرة.
(٢) وهم من كندة ، ويقال : إنّهم من ذرّيّة الأشعث بن قيس الكنديّ ، وينظر «الشّامل».
(٣) الشّيخ محمّد بن ياسين باقيس ولد بحلبون ، ونشأ بها ، ولازم مجالس العلم من صغره ، فقرأ على الحبيب عبد الرّحمن بن محمّد البار ، وقرأ على الشّيخ العارف بالله محمّد بن أحمد بامشموس ، والإمام الحبيب عبد الله الحدّاد. وأخذ عنه جماعات من الأكابر ؛ منهم : الشّيخ عبد الله بن أحمد بافارس باقيس ، والحبيب حسن بن عمر البار ، والحبيب عمر بن عبد الرّحمن مولى جلاجل ، والحبيب طه بن عمر البار ، والحبيب سقّاف بن محمّد الصّافي ـ المذكور هنا ـ والعلّامة أحمد بن حسن الموقري الزّبيدي ... وغيرهم توفّي الشّيخ محمّد يوم السبت (١٥) شوّال (١١٨٣ ه).