ضروان خبطا كثيرا ، والّذي أصاب كبد الحقيقة فيهما إنّما هو ابن كثير ؛ إذ قال في تفسير سورة (ن) : (إنّ أهل الجنّتين كانوا من أهل اليمن ، قال سعيد بن جبير رضي الله عنه : كانوا من قرية يقال لها : ضروان ، على ستّة أميال من صنعاء. ثمّ نقل عن مجاهد أنّ حرثهم كان عنبا) اه (١)
فإنّه موافق لقول الهمدانيّ في الجزء الثّامن [ص ٦٧] من «الإكليل» : (ومخرج النّار من آخر ضروان على ما يقول علماء اليمن. والجنّة اقتصّ الله تعالى خبرها في سورة «ن») اه
وموافق لما يحدّث به من شاهد أنّها على ثلاث ساعات ونصف تقريبا من صنعاء.
ومن أثر احتراقها بالنّار الباقي إلى اليوم : خفّة حجارتها ؛ لما أخذ من ثقالها الاحتراق حتّى صارت قريبا من الحجارة الّتي تحرق للنّورة في خفّتها (٢).
أمّا البغويّ : فقد قارب ولم يبعد إلّا في قوله : (إنّها على فرسخين من صنعاء) وقوله : (إنّ حرثهم كان نخلا) (٣) ، وليست بذات نخل.
وأمّا ضوران : فغير ضروان ، وإنّما هو كما قال الهمدانيّ في ذلك الجزء : (جبل أنس بن الهان بن مالك بن ربيعة أخي همدان ، وهو جبل منيف فوق بكيل) اه (٤)
وأمّا ياقوت .. فقد خلط صوران الحضرميّة بضروان الصّنعانيّة.
ونار صوران على ما يقول الحضارمة : متكرّرة تعبد ، بخلاف نار ضروان الصّنعانيّة فإنّها ظهرت لإحراق الجنّتين ، فليعلم ذلك ، والله أعلم بحقيقة الحال (٥).
__________________
(١) تفسير ابن كثير (٤ / ٤٠٧).
(٢) ويقول بعض الباحثين : ما زالت حجارة ضروان بادية للعيان إلى اليوم على أنها بقايا أرض محترقة.
(٣) «تفسير البغوي» (٤ / ٣٧٩).
(٤) الإكليل (٨ / ٥٨).
(٥) وههنا ينبغي التفريق بين صوران وضروان .. أما صوران ـ بالصاد المهملة .. فتقدم كلام المصنف عنها آنفا.
وأما ضوران ـ بالضاد المعجمة ـ : فجبل مشهور بآنس ، وهو المعروف بالدامغ ، كما سيأتي نقل المصنف ذلك عن الهمداني ، وفي سفحه الشمالي تقع بلدة ضوران التي كانت تحمل اسم الحصين ،