فدلّ ذلك على أنّهم يسمّون بني أرض من يوم كانوا ، كما أنّ بعضهم يسمّيهم : بنير ، وربّما كانوا قبيلتين.
ثمّ : ديار بني بكر (١) ، ويسمّونها : بابكر ، ومنهم : المؤرّخ الأديب ، الشّيخ صلاح البكريّ (٢) ، ومع الأسف لم أطّلع إلّا على الجزء الأوّل من «تاريخه» ساعة من نهار ، فلم أعرف ماذا له وماذا عليه (٣) ، وبلغني أنّه الآن بالمكلّا ، وما أظنّه إلّا يحرص على زيارتي ، كما أنّي بالأشواق إلى مثله ، وبي شغف لاستطلاع أخبار النّهضة الحضرميّة الّتي تألّفت آخرا بمصر ؛ فقد وردني من رئيسها الشّيخ الأديب عليّ بن أحمد باكثير كتاب بدرجه منشور عن مقاصدها ، فإذا هي ضخمة جدّا ، شبيهة بمقاصد (الرّابطة العلويّة) ، الّتي عسر بها الولاد ؛ لأنّها ثقيلة ، لا يرجى من المهديّ المنتظر إلّا بعضها!!
وقد جاوبت هذه النّهضة عن كتابها لي بما أكثره التّحذير من عواقب (الرّابطة) ومآل (جمعيّة الدّفاع عن العلويّين) الّتي تألّفت بمصر ، وأمّلت أن يرفرف لواؤها على جميع الشّرفاء بشرق الأرض وغربها ، ولمّا سألنا عنها بعض من وصل حضرموت من أعضائها .. قال : إنّها لا تزيد عن أربعة نفر ، رابعهم رئيسهم (٤) ، ثمّ انقسموا بعد
__________________
(١) بنو بكر هؤلاء .. هم من يافع كما هو المعروف عنهم ، وقد سكنوا مريمه أولا زمن بوطويرق ، ثم انتقلوا إلى سدبه ، ثم توطنوا في الكسر ، ويقال : إن ديار آل بكر الآتي ذكرها بين الغرفة والحوطة تنسب لهم. والله أعلم.
(٢) الأستاذ صلاح عبد القادر البكري اليافعي الحضرمي ، ولد بأندونيسيا سنة (١٣٣١ ه) (١٩١٢ م) ، وكانت وفاته بمكة : سنة (١٤١٣ ه) (١٩٩٣ م).
له مؤلفات «تتمة الأعلام» (١ / ٢٤٦) ، «إتمام الأعلام» (١٣٤).
(٣) الذي ظهر وبان للكافة بعد أن كتاب «تاريخ البكري» ، وبعد السبر والفحص .. تبين بالدليل أن صلاح البكري لم يكن يعتمد منهج الإنصاف في كتاباته التاريخية ، بل إنه قد يتلاعب بتغيير بعض النصوص ليصل إلى مآرب ونوازع نفسية ، بعيدا عن الأمانة العلمية ، ومن أراد المزيد .. فعليه بكتاب «تاريخ حضرموت» للسيد صالح بن علي الحامد ، صفحة (٣١٨ ـ ٣٢٢) ، فقد أورد مثالا لما ذكرنا بالرجوع إلى المصدر الذي نقل عنه البكري وكيف حرّفه وتلاعب به.
(٤) كان رئيسها السيد : عبد الله بن محمد بن حامد السقاف ، صاحب كتاب «تاريخ الشعراء