وكما كانت حضرموت مضرب المثل في البعد .. فكذلك كانت مضربه في أمور كثيرة ، منها كما في «الأصل» :
ـ الجمال.
وحسبك شاهدا عليه ما جاء في كتابه صلّى الله عليه وآله وسلّم لوائل بن حجر من وصف أقيال حضرموت بالمشابيب (١) ، ومعناه كما في «التّاج» وغيره : الرّؤوس الزّهر الألوان (٢) ، كأنّما أوقدت وجوههم بالنّار ؛ لحسنها وإشراقها.
ومعلوم أنّ وفد كندة استجهروا النّاس بجمالهم وحسن شارتهم ، وأنّ عليهم من الحبرات ما شبّب ألوانهم (٣).
وذكر المبرّد : أنّ الأشعث بن قيس من النّفر الّذين فرعوا (٤) النّاس طولا وجمالا ، وكان من مقبّلي الظّعن (٥).
وذكر أيضا قول أبي دهبل [من مجزوء الكامل] :
أعرفت رسما بالنّجي |
|
ر عفا لزينب أو لساره |
لعزيزة من حضرمو |
|
ت على محيّاها النّضاره |
وروى الجاحظ : أنّ حضرميّة ـ وكانت من آيات الله جمالا ـ تجرّدت أمام زوجها ، وقالت : ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوت ، فقال لها : أرى فطورا ، فاستحيت.
وقال امرؤ القيس [في «ديوانه» ١٤١ من الطّويل] :
تنوّرتها من أذرعات وأهلها |
|
بيترب أدنى دارها نظر عالي |
__________________
(١) عند ما أسلم وائل بن حجر .. كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم عدّة كتب ، فكتب كتابا إلى أقيال ـ ملوك ـ حضرموت ، فقال صلى الله عليه وسلم : «اكتب يا معاوية ، إلى الأقيال العباهلة ، والأرواع المشابيب».
(٢) في المخطوط : (الرؤوس الأعيان). والتصحيح من «تاج العروس».
(٣) أي : زادها حسنا. والحبرات : ثياب وبرد معروفة.
(٤) فرعوا : علوا.
(٥) الظّعن ـ جمع ظعينة ـ يقال : فلان مقبّل الظعينة ؛ أي المرأة في هودجها وجملها قائم ، وهذا يعني أنه فارع الطول ، وقد نعت بذلك جماعة في الجاهلية وصدر الإسلام.