وللشّيخ أحمد بركات (١) من هذا القبيل ما ليس بالقليل ، إلا أنّه لم يكن كالسّيّد زين في خفّة الظّلّ ؛ لأنّ عنده شيئا من الكلفة ؛ من نوادره :
أنّ شيخنا الشّهير أحمد بن حسن العطّاس مرّ بداره فناداه : أعندك رطوبة نطلع لها؟
قال له : احذف الطّاء واطلع. يعني أنّ عنده روبة (٢).
وبها ذكرت أنّ ابن عمّار قال للدّاني : اجلس يا داني بلا (ألف) ، فقال : نعم يا ابن عمار بلا (ميم).
وكان سنة (١٣١٨ ه) بدوعن في منزل استأجره ، فاتّفق أنّ بنتا لأهل المنزل استعارت ثوبا من أمها لتلبسه في وليمة زواج ، ففقد لهم عقد من الفضّة يسمّونه (مريّة) ، فاتّهموا بها الشّيخ أحمد ، فقال لهم : كم ثمنها؟ فقالوا : ستّة ريال. فدفعها لهم ، ولمّا عادت البنت بالثّوب .. ألفوا المريّة معها ؛ لأنها كانت بين طيّات الثّوب ، فردّوا ريالات الشّيخ أحمد واعتذروا له ، ولمّا انتهى الخبر إلى باصرّة .. عاتب الشّيخ أحمد وقال : لو رضيت برفعهم أمرك إليّ .. لما ألزمتك بشيء ، فقال : من يدفع التّهمة بعد الرّفع ؛ إذ لا بدّ من علوقها على أيّ حال ، فاخترت السّتر احتفاظا بالمروءة ، لا سيّما والمبلغ زهيد.
ودخل أحد أهل شبام على صديق له بها وهو يتغدّى ، فقال له : أما عندك ثمانية وسبعون؟ يعني لحم.
قال : لا ، ولكن عندي مئة وخمسون. وأحضر له عكّة السّمن ، وكلّ ذلك على الرّويّة من دون تفكير (٣).
__________________
(١) أحمد عبد الله بركات ، توفي بشبام سنة (١٣٤٦ ه) ، وله أشعار ونوادر ، جمع بعضها المستشرق سارجنت في كتابه : «الأدب العامي في حضرموت» ، وله مقامات أدبية نشرت ضمن «مجموع المقامات اليمنية» التي جمعها الأستاذ عبد الله محمد الحبشي ، وجمع بعض نكاته السيد الفاضل حسن بن سالم السقاف (السوم) ، المتوفى بجدة سنة (١٤١٨ ه) ، وسماها : «النوادر المضحكات من أخبار أحمد بركات».
(٢) الروبة : اللبن الرائب الحامض.
(٣) يعني بالثمانية والسبعين : مجموع حروف كلمة (لحم) ؛ فاللام ـ ٣٠ ، والحاء ـ ٨ ، والميم ـ ٤٠.