أمّا أحوال شبام السّياسيّة : فقد تقلّبت كسائر بلاد حضرموت ؛ إذ كانت أوّلا لحمير ، ثمّ تجاذبت فيها الحبال قبيلتا كندة وحضرموت ، وقد ذكرنا من ملوكهم ما انتهى إليه العلم في «الأصل» ، على ما في تلك الأخبار من الاضطراب والتّناقض.
ونزيد هنا ما جاء في «النّفحة الملوكيّة» (ص ٨٤) (١) : (أنّ مدّة ملوك كندة بالحجاز كانت من سنة (٤٥٠) إلى سنة (٥٣٠) ميلاديّة ، وأوّل من ملك منهم : حجر بن عمرو آكل المرار.
وكانت كندة ـ قبل أن يملّك عليهم ـ فوضى ، يأكل قويّهم ضعيفهم ، فلمّا تملّك حجر عليهم .. سدّد أمورهم ، وانتزع ما كان بأيدي اللّخميّين من أرض بكر بن وائل.
وكان ابتداء ملكه ـ حسبما مرّ ـ من سنة (٤٥٠) ميلاديّة ، ولمّا مات .. تملّك بعده ابنه عمرو بن حجر ، الملقّب بالمقصور ؛ لأنّه اقتصر على ملك أبيه فلم يتجاوزه.
وأقام ما شاء الله في الملك ، إلى أن قتل ، ثمّ خلفه ابنه الحارث بن عمرو ، وكان شديد البأس ، كثير المغازي والغارات ، فملّك ابنه حجرا على بني أسد وغطفان ، وابنه شرحبيل على بكر بن وائل ، وابنه معديكرب على بني تغلب ، والنّمر بن قاسط ، وسعد بن زيد مناة (٢) ، وطوائف أخرى من بني دارم والصّنائع. وابنه سلمة على بني قيس.
ثمّ إنّ الحارث بن عمرو كان قد سار إلى وادي سحلان فقتله بنو كلب ، وكان حجر بن الحارث أساء معاملة بني أسد ، وأهان سراتهم وقهرهم ، فهجموا عليه بغتة واغتالوه) اه
__________________
(١) اسمه بالكامل : «النفحة الملوكية في أحوال الأمة العربية الجاهلية» لمؤلفه الشيخ عمر نور الدين القاضي الأزهري الحنفي ، انظر : «معجم المطبوعات» لسركيس ص (١٥٢٤).
(٢) في «الكامل» لابن الأثير (١ / ٤٠٠) : أنّ معديكرب ملك : قيس عيلان وطوائف غيرهم.
وسلمة ملك : تغلب ، والنّمر بن قاسط ، وبني سعد بن زيد مناة من تميم. والله أعلم.