وزعم العينيّ في «شرحه لشواهد الألفيّة» : أنّ حجر بن الحارث هذا هو والد امرىء القيس أول ملوك كندة ، وأخطأ في ذلك أو انتقل عنده الفكر من حجر بن عمرو إلى هذا.
على أنّ ما سبق من بدء ملك حجر بن عمرو إنّما هو بالنّسبة إلى الحجاز ، أمّا في حضرموت .. فقد كان لهم ملك قديم قام على أنقاض ملك حمير حسبما أسلفنا.
وسبب تمليك الحارث أولاده على العرب أنّه ـ كما في «الكامل» [١ / ٤٠٠] ـ : (لمّا كان الحارث بالحيرة .. أتاه رؤساء القبائل من نزار ، وقالوا له : قد وقع بيننا من الشّرّ ما تعلم ، فنحن في طاعتك ، فوجّه معنا بنيك ينزلون فينا. ففرّق أولاده في قبائل العرب ملوكا عليهم).
وهذا ، وإن ذكر أكثره ب «الأصل» ، وكان ممّا يتعلّق بالحجاز لا بحضرموت .. فإنّ فيه زيادة ؛ ولكن كندة كانت تسكن البحرين ، ثمّ انتقلت إلى حضرموت وزهت بها دولتها ، وإنّما نجعت إلى أرض معدّ حين كرهت محاربة حضرموت ، ولانت لها بسبب اختلافها على الرّياسة بعض اللّين ، حسبما بيّناه في «الأصل».
وقد أقمت الحجّة فيه على من يريد أن يباعد ما بين امرىء القيس والأشعث بن قيس في المناسب بما لا يحتاج إلى الإعادة.
وفي «سبائك الذّهب» : أنّ معديكرب جدّ الأشعث من ولد حجر القرد ابن الحارث بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع ، والحارث بن عمرو بن معاوية هو الجدّ الثّالث فيها لامرىء القيس.
والملك في قبائل العرب لآل الحارث بن عمرو ، إلّا أنّ النّعمان بن المنذر ـ نائب أنو شروان ـ كان يبغض الحارث بن عمرو ، فله يد في قتله ثمّ في قتل ثلاثة من أولاده ، وإضعاف ملكهم حتّى لم تبق لهم إلّا مناطق محدودة بين الحجاز والشّام والبحرين ونجران اليمن وغمر ذي كندة. وأمّا ملك كندة بحضرموت .. فللمتوّجين من بني معاوية الأكرمين ، وآخرهم الأشعث بن قيس.