وجاء الإسلام وكندة على ملكها في بلاد حضرموت ، وكان ما كان من أخبار الرّدّة.
وفي سنة (١١٩ ه) نجمت الخوارج ، وتفرّعت عنها الإباضيّة الّتي بقيت منها ـ كما سبق في الرّشيد ـ بقيّة مذكورة في حضرموت حتى أواخر القرن الثّامن ، كما ذكره ابن خلدون في (ص ١٧٠ ج ٣) من «تاريخه» : (وأمّا مسجدهم الّذي بخبّة شبام فقد بقي بأيديهم إلى ما بعد ذلك بزمان طويل ، وما زالت نقاط محدودة من حضرموت ـ مع الاضطراب الهائل بالخوارج والإباضيّة ـ وكانت تلك النّقاط الّتي بأيدي الخلفاء ـ مع هذا الزّحام ـ تنبسط تارة ، وتنقبض أخرى ، حتّى كانت أيّام المأمون فخرجت عنه تماما ، فاستعان ببني يزيد الأمويّين ، فأخضعوها سنة «٢٠٦ ه» ، واستمرّت بها دولتهم إلى سنة «٤١٢ ه».
إلّا أنّه جاء في «التّاريخ» : أنّ المعتمد ابن المتوكّل أسند ولاية اليمن لمحمّد بن يعفر (١) ، ففتح حضرموت في حدود سنة «٢٧٠ ه» ، وولّى الهزيليّ شباما.
فأشكل ذلك عليّ بما اتّفقوا عليه من دوام ملك اليزيديّين الأمويّين إلى سنة «٤١٢ ه» بالنّيابة عن بني العبّاس ، حتّى رأيت في بعض تواريخ اليمن للكبسيّ : أنّ محمّد بن يعفر كان لا يرى مقاومة ابن زياد ، بل يهدي له ، ويوهمه الاعتراف له ، وربّما ذكره في الخطبة ، وكان مستقلا بأمر التّهائم) اه
وكان محمّد بن يعفر بن عبد الرّحيم أخذ البيعة في حياة أبيه من أهل اليمن للمعتمد بالله فولّاه ، فغلب على مخاليف اليمن ، إلّا التّهائم ، فبقيت تحت آل زياد كما تقدّم.
وفي سنة (٢٦٧ ه) حجّ محمّد بن يعفر ثمّ عاد وبنى جامع صنعاء. وفي سنة
__________________
(١) آل يعفر من ولد يعفر بن عبد الرحمن بن كريب الحوالي ، ومؤسس دولة آل يعفر هو يعفر بن عبد الرحيم الحوالي ، استمرت دولتهم من عام (٢٢٥ ه) إلى عام (٣٩٧ ه). كانوا أمراء على بلاد شبام كوكبان ، وامتد نفوذهم إلى صنعاء والجند وحضرموت. وهم غير آل يعفر الكهلانيين ، بنو يعفر بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد الكهلاني. قتل محمد بن يعفر سنة (٢٦٩ ه) على يد ابنه إبراهيم ، بإيعاز من أبيه يعفر بن عبد الرحيم. «بلوغ المرام» (١٨).