وكانوا يسكنون بجبل شبام (١) ، ولهم فيه حصون هائلة ، وهو جبل أشمّ ، صعب المرتقى ، ليس له طريق إلّا من جهة واحدة على خمس وعشرين ساعة من صنعاء.
وقال في «الإكليل» [٨ / ٨٥] : (وشبام مملكة آل يعفر الحواليّين ، وهي إحدى جنان اليمن) اه
ثمّ استولى من بعد آل يزيد أو زياد ـ الأمويّين نسبا ، العبّاسيّين دولة ـ بنو معن (٢) على عدن ولحج وأبين وحضرموت ، ثمّ جاءت دولة الصّليحيّ (٣) في سنة (٤٥٥ ه) وكانت شيعيّة تدعو وتخطب للأئمّة الفاطميّين بمصر والمغرب ، إلّا أنّ إمام الإباضيّة إبراهيم بن قيس كان يراوغ أئمّة عمان ، ويستدرّ منهم المعونة والمؤونة بزعم أنّه يزاحف الصّليحيّ ، وهو غير بارّ في قوله [من الطّويل] :
وأمّا نواحي حضرموت فإنّها |
|
بحول إلهي طوع أمري وخاتمي |
ولم يبق لي إلّا الصّليحيّ قائما |
|
وها هوّ أيضا سعده غير قائم |
وقد نزعت عنه القبائل نحونا |
|
لما نظرت من رغمها في المآتم |
وإنّما كان الأمر بالعكس ، وما نجّاه من براثن الصّليحيّ إلّا هربه ولياذه بتجيب ، وخضوعه لهم ، وتملّقه إليهم ، بشهادة ما سبق في هينن وغيره من أشعاره المذكورة في «الأصل» ؛ فلقد جاءهم بجريعة الذقن فأجاروه ، وأجاز الصّليحيّ جوارهم إيّاه.
وبإثر مقتل الصّليحيّ .. تقوّضت دعائم ملكه وشيكا عن حضرموت ، وبقيت الدّولة بها لآل قحطان الحميريّين بنفوذ محدود في نقاط لا تتجاوزها ؛ لانطباع حضرموت على الفوضويّة ، ولهم مشاغبات كثيرة مع بعضهم ومع الإباضيّة وقبائل
__________________
(١) المراد شبام كوكبان ، وكان يسمّى شبام اقيان.
(٢) كان ابتداء ملكهم سنة (٤١٢ ه) ، ينظر ما كتبه عن بني معن السيد أبو بكر المشهور في «تاريخ أحور».
(٣) وهم الباطنية ، أو الإسماعيلية ، ومنهم فرقة تسمّى : (البهرة) بعدن ، وسلطانهم بالهند ، إلى اليوم ، وفرقهم وجماعاتهم كثيرة.