القارّة إلى جهة الجنوب ، ابتنوه في الوقت الأخير على أنقاض أطلال بالية ، يحيط به فضاء واسع ؛ لأنّ النّظر يمتدّ منه جنوبا إلى أن ينقطع أمده دون أقصى وادي بن عليّ ، وغربا إلى أقصى وادي نعام ، وشرقا إلى أقصى حضرموت ، وشمالا إلى فرط قبوسه.
وتحفّ به تربة طيّبة ، تدلّ على سابق عمران ، وخصوبة جناب ، فلهو جدير أن يكون محرّفا عن قراقر الّذي يقول عمرو بن شاش الأسديّ في روضته [من الطويل] :
وأنت تحلّ (الرّوض) (روض قراقر) |
|
كعيناء مرباع على جؤذر طفل (١) |
المحترقه
هي واقعة في شرقيّ هدّامه إلى شماله ، وهي المسمّاة في سابق الزّمان : أنف خطم.
وفيها صدر الحكم من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين المتنازعين في أرض منها ، حسبما هو مفصّل ب «الأصل».
وفيها كان غدر آل وبر بولاة الحول آل الجرو ؛ فلقد استأصلوهم قتلا في سنة (٦٠٤ ه) ، وما أفلت منهم إلّا عشرة.
وآل وبر من همدان ، كانت مساكنهم بالجوف خلف صنعاء ، فنجع هؤلاء إلى حضرموت ، وبه يتأكّد ما تقرّر من الفرق بين نهد قضاعة ونهد همدان ، ووجود الفرقتين بحضرموت.
وكان آل الجرو (٢) أمراء على الحول ، ولهم خيل وحول وقوّة وشوكة ، غير أنّ آل وبر أخذوهم بالحيلة.
__________________
(١) العيناء : البقرة الوحشيّة. جؤذر ـ بفتح الذّال وضمّها ـ : البقرة الوحشيّة أيضا. الطّفل : المولود.
(٢) ومن أعلام آل الجرو المتقدمين : الشيخ عوض بن أحمد الجرو ، سبط الفقيه الإمام محمد بن عمر بحرق ، عاش في القرن العاشر ، وله كتاب هام في التاريخ والأنساب يسمّى : «الفرج بعد الشدة في إثبات فروع كندة». ومن آل الجرو جماعة بشبام ؛ منهم : الشيخ الفاضل عبد الرحمن بن عبد الله بن سالم الجرو ، الملقب أبو البلاد ، توفي بشبام سنة (١٤٠٧ ه) ، ومنهم جماعة بالحوطة ونواحيها.