صحّت الأخبار بأخذه نساء الأتراك القانتات المؤمنات على تلك الحال .. فما هو إلّا أمر عظيم ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وانظر فرق ما بين هذا وما فعله الإمام يحيى ؛ فلقد أحسن وأفضل ، وأعان وأجمل ، ولم يخذل الدّولة العثمانيّة عندما تقاصرت خطاها ، بل ساعد بما أشرنا إلى قليل منه في «الأصل» ، مع ما بينهما من الأشلاء الممزّقة ، والأرواح الذّاهبة.
فلقد أخبرني العلّامة الشّيخ محمّد بن عليّ بن طه الهتاريّ (١) قال : (أخبرني خليل أفندي ، أمين صندوق الحديدة للأتراك في أيّامهم : أنّ الّذين قتلوا في حروب اليمن من عساكر الدّولة العثمانيّة يبلغون بالإحصاء الرّسميّ سبع مئة وخمسين ألف قتيل) ولا بدّ بالطّبع أن يقتل من اليمانيّين ما يناسبهم ، ولكنّ الإمام يحيى أظأرته الرّحم الإسلاميّة ، فحيّاه الله وبيّاه ، لقد اقتنى بذلك كمالا وجمالا ، وتأثّل به الشّرف الخالد ، والأجر التّالد ، وكانت له العاقبة الحسنة.
وبلغني : أنّه كان يثني على الشّريف محمّد بن عليّ الإدريسيّ بأنّه لم يسلّم أسيرا ولا شبرا من بلاده للأجانب ، على كثرة ما ابتزّ من خزائنهم من أموال.
ومن وراء جفل إلى الشّمال :
حصن آل الرّباكيّ
وهو أطلال حصن داثر ، بقلّة قارة شاهقة ، فيها بئر عميقة ، وفي جانب تلك القارة غار يصل إلى البئر ، كأنّ أحدا حاصر الحصن ، ولمّا أعياه .. حفر بجانب القارّة حتّى انتهى إلى البئر فقطع على أهله الماء.
وقد انتصبت القرائن على أنّ هذه القارة هي قارة الأشباء ، ومنها بيت نشوان بن سعيد الآنف الذّكر ، وقد جاء في «تاريخ شنبل» : أنّ قارة الأشباء عند آل حسن ،
__________________
(١) كان إمام وخطيب مسجد الهتاري بعدن ، في التواهي ، كان فاضلا مشاركا في العلم ، وله اتصال بالعلامة علوي بن طاهر الحداد ، وبينهما مكاتبات.