تزيده تلك السّجّادة نورا ، فتمتلىء بمرآه القلوب سرورا ، وما زال كأبيه علم المهتدين ، وأسوة المقتدين ، ومنهل الشّاربين ، ومأمن الخائفين إلى أن دعاه الحمام (١) ، وهو يردّد كلمة الإسلام بقريته ذي أصبح ، في سنة (١٣١٩ ه) عن غير أولاد ذكور.
وكانت صغرى بناته ، وموضع رعايته ، وأحبهنّ إليه .. هي زوجتي المعمّة المخولة ؛ إذ كانت أمّها هي البرّة التّقيّة رقوان بنت سيّدنا الأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر ، المتوفّاة على أبلغ ما يكون من الثّبات على الإيمان في الحجّة من سنة (١٣٦٢ ه).
تخيّرتها من بنات الكرام |
|
ومن أشرف النّاس عمّا وخالا (٢) |
وهي أمّ أولادي : حسن ، ومحمّد ، وعيدروس ، وأحمد ، وعلويّ ، وشقائقهم الموجودين اليوم ، وقد مات لي منها : بصريّ ، واشتدّ حزني عليه ، ورثيته بعدّة مراث توجد بمواضعها من «الدّيوان» ، وعليّ ، ورثيته بمرثاة واحدة ، وأكبر وجدي عليه ؛ لأنّه جدّد الجروح الّتي لم تكن لتندمل على بصريّ [من الطّويل] :
فما سرّ قلبي منذ شطّت به النّوى |
|
نعيم ولا كأس ولا متصرّف |
وما ذقت طعم الماء إلّا وجدته |
|
سوى ذلك الماء الّذي كنت أعرف |
ولم أشهد اللّذّات إلّا تكلّفا |
|
وأيّ نعيم يقتضيه التّكلّف |
وقد أشرت في بعض مراثيه إلى تكذيب زهير بن جناب في قوله [في «ديوان الحماسة» ٢ / ١٠٢ من الوافر] :
إذا ما شئت أن تنسى حبيبا |
|
فأكثر دونه عدّ اللّيالي |
وممّا صغّر المعرّيّ في نفسي قوله [في «سقط الزّند» ٢٠ من الطّويل] :
فإنّي رأيت الحزن للحزن ماحيا |
|
كما خطّ في القرطاس رسم على رسم |
__________________
(١) الحمام : الموت.
(٢) البيت من المتقارب.